٣ - فقط اخْرُجْ
    ..... ...........     
.
.
أَنتَ ../ دُونَ اكْتراثٍ بأَوْبِئةِ
النّاسِ ، تُزْمِعُ تَخْرُجُ !
ماذا ستَفْعَلُ في السُّوقِ - سُوقِ
الخُضارِ ؟! 
وأَمْسِ اشترَيتَ خُضارًا ، ولَمْ
يَبْقَ شيءٌ تَشَهّيتَهُ .. ما اشتَرَيتَهْ !
.
.
أَنتَ ../ مِنْ أَجْلِ ماذا تَعوْدُ إلى
شِعرِ أَصحابِكَ الجاهليّينَ ؟! 
كمْ مَرّةً قد قرأْتَ دَواوينَهمْ  كُلَّها
وابْتُليْتَ بأَشْجانِهِمْ في رَفيفِ الصّدى ؟!
أَيُّ شِعرٍ يُخَلّيْكَ نَحوَ ثلاثينَ عامًا
تَصُبُّ على رئتيكَ وقلبِكَ نِيرانَ
هذا الجَلالِ .. وَزَيْتَهْ !
.
.
أَنتَ ../ أيُّ الجلالينِ ذَوّبَ شَحمَكَ :
شِعرُ القُدامَى ، أَمِ الواجبُ القَدَريُّ
المُسمّى الحياةَ وروتينَها ؟!
كيف أَفْسَدْتَ خُطّتَهُ .. ورَميْتَ
بقلبِكَ في النّهرِ ، ثُمّ ذَهبْتَ لِتَلْعَبَ ؟!
كيف خَطَفْتَ كتابَ النّدى مِنْ حَديقةِ أُمِّكَ
ثُمّ ابْتُلِيْتَ بهِ .. وابتَلَيتَهْ !
.
.
أَنْتَ ../ كمْ مَرّةً أَنْقَذَتْكَ الطّيورُ مِنَ
الموتِ ، ثُمّ انْزَعَجْتَ لأَنّ أَغاريدَها
قد أَقَضّتْ مَنامَكَ في الصُّبْحِ ؟!
لا تَنْسَ أنّ الصّباحَ لِمَنْ قد أَفاقَ
ولا حَظَّ للنّائمينَ بهِ بالسّعادةِ والأُنْسِ ...
أَخْطَأْتَ أَنتَ ، ولَمْ يُخْطِئِ الطّيرُ :
غَنَّى .. لِيُؤْنِسَ بَيْتَهْ !
.
.
أَنتَ ../ ماذا خَطَطْتَ على وَرَقي الآنَ ؟!
تُخْطِئُ إذْ تَجعَلُ الشِّعْرَ مُتّكَأً للمَلالاتِ ... 
لو ، يا صديقي ، بِغَيرِ الكتابةِ داوَيتَها
لو بتقشيرِ تُفّاحةٍ ،
أَو بتحضيرِ كُوْبِ الزُّهُوراتِ ،
لو بقراءةِ بَحثٍ عن الأَثَرِ الجانبيِّ
لأمراضِنا في الأغاني الّتي
لا نَشُمُّ بها العُشبَ ، والضّوءَ فوقَ النّدى
لو بإصلاحِ مِكْنَسَةِ الكَهرباءِ لكي
تَستَرِدَّ شَهيّتَها في التهامِ الغُبارِ ..
أَوِ الإنشغالِ بفيلمٍ .. تَلومُكَ نَفْسُكَ قَبْلَ
نهايتِهِ .. أنْ رأيْتَهْ !
.
.
أَنتَ ../ لو تَخْرجُ الآنَ أَفْضَلُ ،
لا تتّصِلْ بصَديقٍ ، ولا تتعمّدْ
ذهابًا لأيِّ مكانٍ .. بهذا الضُّحى
فَقَطِ اخْرُجْ ، وقُلْ :
أَيُّها الطّيْرُ ، غَنِّ ورائي لِبَيتي وبيتِكَ
غَنِّ لِوَحْشةِ قلبي ، وما أنتَ أَدرَى بهِ مِنْ
بهاءِ الحياةِ ..
وغَنِّ لِما لستُ أُحْسِنُ من فَرَحٍ غامِضٍ
أَنتَ – دُونَ عَناءٍ – ثَقِفْتَهْ
.
.
فقطِ اخْرُجْ .. ودَعْهُ يُغنّي
وأَنْهِ قصيدَتَكَ الآنَ /
قلْ : لَيتَني --مثْلَهُ --
مُوْلَعٌ بالغِناءِ ، 
ويا لَيْتَني
أسْتطيعُ البُكاءَ بهذا الصّباحَ
... ولَيْتَهْ
.
.
٤-  كَسَلٌ عاطفيّ
..................... 
في الشِّتاءِ تُقرِّرُ أَمْرًا سَتَفْعَلُهُ
فتقولُ لنَفْسِكَ :
" إنّ الشّتاءَ طويلٌ مُمِلٌ
سأَنْتَظِرُ الصّيْفَ .../
في الصّيْفِ بُحْبُوحَةٌ، والنّهاراتُ
أَطْوَلُ ... "
- ( أَنتَ الّذي عِشْتَ في غُرفَةٍ ،
الّذي عٍشْتَ عُمْرَكَ في اللّيلِ
تَجْرُؤ أَنْ تتخَيّلَ هذا .. لِتُقْنِعَ
نفْسَكَ !! )

-: أَكْمِلْ ، إِذًا ، ما الّذي قد حَدَثْ ؟
*: جاءَ ، كالعادةِ ، الصّيْفُ
جاءَ بِكُلِّ شَواغِلِهِ العائليّةِ
والواجباتِ ، وبالسّهَراتِ الطّويلةِ ...
بالدِّفءِ والضّوءِ جاءَ ،
وبُطْءِ مُرورِ الظّهيرةِ ...
قلتُ : الّذي سوفَ أَفْعَلُهُ – إنْ 
فَعَلْتُ -- سيأْخُذُ وقْتًا طويلًا
وجُهْدًا ثقيلًا ..
وما زالَ بَرْدُ الشّتاءِ بعَظْمي
ليَ الحَقُّ بالكَسَلِ المُشْتَهَى ... والعَبَثْ

-: ثُمّ ماذا فَعَلْتَ إِذًا ؟!
*: ليسَ أَمْرًا مُهِمًّا ،
فلا تُلْقِ بالًا .. ولا تَكْتَرِثْ !
في الحياة شواغِلُ قد
تَصْرِفُ القَلْبَ عمّا انْتَوى من مَشاغِلَ ... 
ماذا سيَحْدُثُ لي ولَها /
للحياةِ إذا أَنَا
أَجّلْتُ ما سوفَ أَفْعَلُهُ ؟!
إنّهُ الصّيفُ ، وقْتُ الحياةِ
ووقْتُ التّسَكُّعِ .. وقْتُ الرَّفَثْ
ثُمّ لا وقْتَ فيهِ أُضيّعُهُ
أَجْلَ " أَمْرٍ مُهِمٍّ "
أُواصِلُ تأْجيلَهُ ... مِنْ سِنينْ

في الشّتاءِ وفي الصّيْفِ
واصلْتُ موتي
بتأْجيلِ .. هذا الحَنينْ !
.
.



Share To: