اقرإ تعرف: يستحوذ "ادب الظل" على نصوصي وخاصة في مجموعتي الشعرية : لا أرى غير ظلي وعلى قصيدتي "عرس الظل". والتي نالت استحسانا من النقاد والقراء والأسئلة الموجهة لي دائما لماذا يهيمن الظل على معظم كتاباتي حتى السردية منها وأقول: أدب الظل أو الأدب المستريح هو الأدب البعيد عن الطاعة والولاء لأصحاب السلطة. الكاتب يتحرر من كافة الإرتباطات والتوجيهات الخارجية، ويمكنه أن يطلق العنان لمخياله فيكون الإبداع إنعكاساً لاختلاجات الكاتب النابعة من الواقع والحقيقة. وهذا عكس أدب الطاعة والولاء إذ يُظهر الكاتب غير ما يضمر.ومن قصيدتي عرس الظل: 
 " أعتذر " لبغداد" النّائحة فوق أفنان النّخيل فضّ " القّواد" بكارتها،وانتفضت كالعنقاء يا " سيّاب" ها هم .. أراهم يقفون بالطوابير عند عتبات القصور، يمضغون لغة العهر يبيعون الكلام ...!

ولبيروت أقول:

 وصاحت أمّي

أيّها الأوغاد خذوا ملح العين واتركواعنق الأرز يتشرنق مزهوا يلامس وجه السحاب ...."

حين يتحرر المبدع من كل القيود بما فيها الجاذبيةالأرضية، ويدخل في متاهة الآلام التي تثقل وجدانه فيعاني مخاضاً يرهق حسه المرهف..فتتداخل معالم ( طريق الآلام) في ولادة جديدة مثل هذه النصوص،،،
 أريد العودة إلى أدب الظل أو الأدب المستريح، والخطوة الأولى فيه هي انسلاخي كمبدعة يحذوها التأمل والرفض عن العالم الذي اعتصر حلمي وجعله يقبع في العتمة، ومن منطلق الإصرار والرفض اتّبعت في طريق آلامي النزعة (الغوتية) والتي تتمثّل بما قاله الأديب والفيلسوف الألماني " غوته" عن الظّل: " حين يوجد الكثير من الضوء يكون الظّل عميقا".والمعنى الاستطرادي لذلك هو التماهي مع ما يتبقّى في الذاكرة في لحظة الشيء الذي نرفضه وما نريده زوالا لذا في عرس الظل أسدلت الستار على الضوء كي أحتفل بالعتمة، أو اللون الرمادي والذي بمعناه المجازي هو هذا " الكائن الظّل" والذي أراه وألمحه من زاوية العين وكلمح البصر حتى أكاد لا ألتقطه وقد يعتبرها البعض ظاهرة (ما ورائية) ربما لها صلة بعالم الخيال أو المواجهات العابرة في الحياة لكن تفسيرها في الحقيقة أعمق من ذلك وهي التحرّر من كل ما يربطنا بالواقع كي نعود إليه ونحن لا ندري كيف فهي ظاهرة خارقة ما ورائية، هناك من يطلق عليها " أصحاب الظلال" الذين يوصفون بلونهم الأسود ويظهرون بهيئة صور ظليّة من شخصيات يصعب ملاحظة ملامحهم وقد يملكون هيئة ثنائية أو ثلاثية الأبعاد وأحيانا نراهم بأشكالهم الهندسية، ولأصحاب الظلال حركة سريعة ترى من زاوية العين، أما من ناحية فيزيائية لا تنطبق عليهم خلال عبورهم الأجسام الصلبة، ومن هنا كان لظلي هنا عبور " السيّد المسيح" على الماء وهو يعبر الى بحيرة طبريا وطريق آلامه كان مصحوبا بقامة طويلة تظهر للمتربصين له على هيئة ظلّ .

وفي الكتابة لا يختلف الأمر عن كوننا نحلّق في عالم من الخيال وهو جزء من الواقع، وحتى يكتمل النص نحن بحاجة أن يختمر، وفي عرس الظل كان النزف أقوى من حالة المخاض !
وتظهر طفلة النعناع ( حلب) ويناديني جسد الطفلة الممدد وهو يمر ولا احد يبصره:
جسد الطفلة الممدد يمر كالظل
يسابق العتمة والبارود يخترق الضوء حافيا
يا رب عدني بالنواح فقد جف النباح وحقولي أقفرت من حب وطيب
خفت( الهلال) نوره
ومال على كتف ( الصليب)..!
وأدب الظل يعلو صوته في مجموعتي الشعرية( لا أرى غير ظلي) حيث الظل يتمدد وتنبت له أجنحة ليخرج من الواقع ويعود إليه:
تعرش على جنح ليلي..احدودب الوقت..احتال على رمشي
ظل ينزف شقائق نعمان..يتورد الماء اشتعالا
تتساقط الأصابع فوق الأصابع في اللاشيء!
وأختمها:
يصلي الماء فوق الغيم حينا
وخلف الورد في البستان حينا
ويقرأ من صحاح القدس نقشا
لمن كسر القداسة لن يلينا....!



Share To: