كنت على عجلة  من أمري فجلست في ركن المقهى البعيد لأتناول قهوتي، فهناك أمر لابد أن أنجزه فى  الحقيقه أن من يدقق النظر ،ويتعمق ويتفرس في نفوس الحاضرين يجد خليط عجيب من البشر..... هم  ليسوا أفراد أعداد وأرقام.........بل تستطيع أن تقول وتصفهم بأنهم  مشاعر وأحاسيس، وآمال، وأحلام، وأوهام خوف من مستقبل غامض وفوضى نفسيه وتشاؤم وتفاؤل وانطلاق ورغبة في مغامرة......... عمال موظفين أولاد ناس صيع وعاطلين وبلطجيه دنيا رغبات لا نهاية لها لنفوس شتى، منها ما تقرأه من الوجوه ومنها يسكن الأعماق .... حياة عريضة ضجيج صاخب..... وصراخ صامت .... وازدادت القائمه منذ فتره ليست بالقصيرة  بشخصيه تحاول التأقلم مع الخضم البشرى الذي يبدو للناظر  أن كل منهم سعيد بوجوده  وسط هذه الجموع ......  نظراته تقول أنها تريد و تتمنى الاندماج بهم لينسى نفسه ويبث هموم لنفوسهم يوزعها عليهم ليحملوا عنه بعض يثقل كاهله..... ولكنه لم ينجح منذ جاء إلى المقهي وباءت محاولاته بالاندماج معهم بالفشل لعل سبب ذلك إختلاف التكوين والتنشئة.......... كان   رجل عمل وحركه كان يقضى أكثر وقته  بل كل وقته في العمل..... الدنيا  لا تخرج عنده أكثر وغير  مكسب وخساره...... بعيد  كل البعد عن الصدقات والعلاقات الاجتماعية فهذه مضيعة للوقت والجهد ....   سيطر العمل على كل حياته، أخذ  في كسب المال ونجح في ذلك وكسب الكثير منه  حتي ظن أنه في أمان هو وتجارته ومشاريعه الناجحه، ولكن الأيام تدور ولا تترك كل إنسان في مكانه بل هى أدوار تتوزع بين البشر وتأتي رياح الرجل بما لا تشتهي سفنه وتذهب أمواله وتجارته ويتردد على المقهي قلق حائر، لا يستطيع الاندماج مع الحاضرين، يفتقد الذوق المجتمعي الذي يجذب الأشخاص إليه، لا يعرف إليه سبيلا..... يفتقد التوافق النفسي والسلام الداخلي،  ينظر إلى الجالسين ولسان حاله يقول: كيف يقضي هؤلاء العاطلين وقتهم ويوزعون يومهم دون كلل وملل، نعم يحسدهم على ذلك وكأنه يقول في نفسه كنت أتمني الجلوس والراحه، وعندما تهيأ له ذلك يفشل في  قضاءه. هو يكاد  يصرخ صراخ صامت حتي أننى فشلت أن أكون عاطلا.. . هناك احتمال للنجاح والفشل فليس سهلا أكون عاطل  تخيلت الرجل يقول هذا الكلام أو كذلك حدثتني نفسي التي تأبي إلا أن تزج بنفسها في كل شئ، حتي أنني أصبحت أشعر أنها في كثير من الأحيان أصبحت عبئا ثقيلا لا أحتمله.....نسيت نفسي وأن أغوص بداخله وأحفر بعمق فى اغواره ورغباته المتصارعة  فتذكرت أنني على عجل من أمري فانصرفت مسرعا  ...



Share To: