أعرف رجل يميل للجد يكره المزاح مع صرامه ... أكثر وقته للعمل يفكر ألف مره قبل أن يقدم على شئ .... رأسه ممتلئة بأفكار كثيره خاطئه عن الناس والحياه.... ومنها فكرته عن الرياضه عموما وكرة القدم خاصة.... أحيانا ونحن نشاهد مبارياتها بالمقهي وغالبا يكون ذلك صدفة، ثم نتناقش فيما نشاهده ونعلق عليه فى محاوله للترفيه وكسر الملل وتجديد النشاط الذهني وشحذه بمعلومات عنها ، فيستنكر ذلك بعد أن يتدخل فى الحديث. وفى إحدى مرات النقاش توجه نحوى قائلا :
- أنا لا أصدق أنك تهتم بالكره وتتحدث عنها وكأنك الخبير المتخصص بها وهذا آخر ما توقعته، فأنا أعرف أن اهتماماتك جادة وعميقة فى الفكر والثقافة. فكيف تضيع من وقتك في مثل هذه الأمور التافهة؟ .....
ثم أردف وما الفائده من كل ذلك حتي يهتم بها الناس كل هذا الإهتمام؟
قلت للرجل :
- حاول أن تفهمني جيدا، كان الإنسان في الماضي السحيق يلهث خلف لقمة عيشه غير مطمئن على نفسه وغده ، فلم يكن عنده وقت لللعب وممارسة الرياضيه، كان ينشغل بما يخبئ له المستقبل ...... كان يعتقد أن الطبيعه تحاربه وتناصبه العداء، فكان يسترضيها تارة ويحاربها تارة أخري ،وفي الحالتين هو ليس مطمئن لغده ولا لمستقبله، فكيف باللعب مع غيره من الناس، ووقته أكثره يقضيه في البحث عن الطعام والأمان؟ ....
أما عندما تقدمت البشرية وتحولت من إلتقاط الثمار والصيد كمصدر للحياة، وأنشأ الإنسان الدول والحضارات وأصبح هناك حكومات، وتعلم العمل الجماعي، وأصبح هناك فائض في الطعام وتحقق الأمن وتوثيق للفكر والثقافه و مزيد من اوقات الفراغ. فعرف الإنسان غيره وكانت الرياضة احدي هذه الطرق فى التعارف الحضارى لأنها لاتبغى من ورائها مصلحة ....فخرج بذلك الإنسان من الضرورة الملحه إلى الترفيه الفني والرياضي والنشاط الثقافى ... فخرج بذلك من الحسي إلي المعنوي الى النظري من الحضاره، فعرفت الأمم غيرها من الأمم وتلاقت مع بعضها لتصبح الرياضه واللعب فعل حضاري يعبر عن اطمئنان الإنسان ، وعلي مستقبله وبدا علي وجه الرجل أنه فهمني في تلك اللحظه. كان يحرز محمد صلاح هدف في الفريق المنافس فصفق له الرجل وكل من في المقهي ...
Post A Comment: