"من المعروف أن الأسلوب الدرامي يجمع بين الأسلوبين الغنائي والسردي، أي بين الذاتي والموضوعي؛ فهو ذاتي غنائي بالنسبة إلى الشخصيات المتصارعة وتعبيراتها ومواقفها التي تصدر عنها، وموضوعي بالنسبة إلى المبدع/الشاعر ومواقفه الذاتية التي يرغب في تقديمها عبر النموذج الفني الذي يختاره". وتتجلى في معظم النصوص المختارة الأسلوب السردي والأسلوب الدرامي اعتمادا على استفادة شعراء الحداثة من تقنيات جديدة تثري تجاربهم الموضوعية، فجنحوا إلى أسلوبين بارزين من أساليب فنون قولية أخرى، الأسلوب الأول هو الأسلوب السردي وما يتمتع به من مرونة في نقل شعورهم وهواجسهم الذاتية إلى المتلقين، فعن طريق الراوي الذي غالبا ما يكون هو الشاعر نفسه استطاعت حنان الصناديدي وشريفة السيد وهبة عبد الوهاب وياسر أنور وإيهاب عبد السلام استخدام هذه الوسيلة الفنية بكفاءة عالية، وكانوا لا يتدخلون في تحريك الأحداث إلا بقدر يسمح لهم وللمتلقي بتقريب المسافة بين غنائية القصيدة وسردها، ولكنهم كانوا في بعض الأحيان يتدخلون للخروج من مأزق حقيقي كما فعلت حنان الصناديدي، بعد تأزم الموقف فلجأت إلى التصرف في موقف الضمير الآخر"أنت".
الأسلوب الآخر الذي اعتمد عليه الشعراء المصريون هو أسلوب تقريب القصيدة من النص الحواري، وتعدد الأصوات، بشكل لافت؛ ففي نص ياسر أنور وكمال محمود–مثلا- صورة من تداخل الأصوات بشكل درامي فاتن، غرضه انهيار أسوار الأجناس الأدبية، وتقديم النص الشعري الغنائي بشكل مميز، استفادة من منجزات الحداثة. وتبقى اللغة الشعرية المكثفة والمنتقاة هي السمة الأبرز للشعراء المختارين، والاعتماد على الوصف المباشر وغير المباشر في تقديم النص الشعري، والوصف نفسه هو سمة سردية ناجعة. فلم تعد الغنائية المحض هي شغل الشاعر المعاصر، بل قام بتعشيب نصه بوسائل أكثر حداثة.



Share To: