المذيعة الأديبة منى فتحي حامد والشجن الرومنسي المُحتشَد في قصيدتها "عيناه بعيني"

قراءة – الشاعر والناقد الأدبي د. أيمن دراوشة

إنَّ الصورة التي رسمتها الشاعرة منى حامد تشي بذلك الحلم الرومنسي في عالم غير العالم، ووجود مفارق للوجود:

 معه تَمَلَكَت مني النشوة

 هل بالحوار أروي مُعترفــة

 بانجذابي إليه عشقًا وراحةً

ويكون الحديث عن المحبوب إنما هو حديث عن شجن أعظم، وحزن أعمق، وضيق ضائق بكل شيء، هذه الأشطر اتخذت منحى اللوم والعتاب وليست الكراهية، فهي كلمات عامرة بالشجن الرومنسي الممزوج بقسوة العتاب:

كل مننا وحيدًا بقصره

 يتفنن بالتعايش داخل مملكته

 راضيًا، أم بالتصرف قلة حنكة

لشجنها الرومنسي عدة اتجاهات ولها في تصويرها طرائق مختلفات، منها تضخيم المعاناة العاطفية لتحيل العشق والهيام إلى أطلال.

كما تتردد في القصيدة تركيبات مماثلة باستعذاب الألم، وتتعدد الصور وتتزاحم شكولها:

يتوارى لبلسم شفتيَّ

 يداه ملتفه حول عنقيَّ

 يغلغل نفسي بكاسات خمرة

 يسكنني روحًا مصطنعة

 لقبتها بالضحكة الواهمة

وللشجن درجاته علوًا وانخفاضًا ليشكل علامة فارقة بين النزعة الرومنسية وسواها وتضخيم لمعاناة عاطفية.

ويظل العتاب والشجن توقًا روحيًا يتدفق موجات هاربة من لزوجة الكون، ولكن الشاعرة في تدفقاتها تنحى بنا إلى المباشرة لتتناثر كلماتها نثرية فاترة، على الرغم من الإيحاءات الأدائية في التشكيل اللغوي.

تتناسل الكلمات شجوًا يائسًا، وتكتسب مسحة درامية باستخدام ضمير الغائب، الذي أكسبها وحشة التفرد والانعزال واغتراب الذات. 


الأديبة الشاعرة / منى فتحي حامد

عيناه بعيني

عيناه بعيني، كاذباً لمقلتيَّ

 صادقاً بالمراوغة

 ختامًا لأقاويل عسره

يتوارى لبلسم شفتيَّ

 يداه ملتفه حول عنقيَّ

 يغلغل نفسي بكاسات خمرة

 يسكنني روحًا مصطنعة

 لقبتها بالضحكة الواهمة

 ويأتي من ارتشاف قهوتي معه

 معه تَمَلَكَت مني النشوة

 هل بالحوار أروي مُعترفة

 بانجذابي إليه عشقًا وراحةً

 بيننا معانٍ متفاوتة

 هو لها شديد القسوة

 وأنا بجانبه امرأة أنثى

 أنظر من الخارج لثباته مُعجبة

 وعند الحنين، بكاءً للفرحة

 مَنْ هو؟ أين مسكنه

 كل مننا وحيدًا بقصره

 يتفنن بالتعايش داخل مملكته

 راضيًا، أم بالتصرف قلة حنكة

 فللصبر حدود، كما تَغَنَتْ ثومة







Share To: