من أكثر الأغراض الشعرية التي عالجها الشعراء العام الماضي ؛ عام الكورونا هو الموت . و لأن الشعر يعكس بالضرورة أحوال البلاد والعباد فقد كان ذلك طبيعيا و متوقعا. واختلف الشعراء بطبيعة الحال في التعبير عن هذا الحدث الجلل .
تقول الشاعرة الكبيرة سكينة جوهر :
إنْ كان غيَّبنا عن جمعكم قدرُ
فرُبَّ غيب ٍبه الأحباب كم حضروا
وكم لقلبٍ حضورٌ رغم غيبتهِ
أيا أحبةُ والأعذارُ تُغتفرُ
وفي قصيدة أخرى (أخشى) تقول سكينة جوهر:
أسرع خطاك ..ولا بربك تتئد
ما أثقل الساعات فيك ..وما أشد !!
إنا سئمنا ما رأينا من أسى
وعلى امتدادك أيها العام النكد
كنا نؤمل أن نعيش بك الهنا
فإذا بماء الود حتى قد ركد
وتباعدت عنا اﻷحبة .. بعضهم
ولى .. وبعض بين أمراض رقد
ثم تقول سكينة جوهر في نفس القصيدة:
(عشرون)هل بغد تولي ياترى ؟
أخشى بأنك لا تسير وتبتعد
أخشى بأنك تبتدي من أول
وتعيش ب(الحادي) ويمتد اﻷمد
أسرع فما أقساك من عام مضى
لم ينج من فيروسك العاتي أحد
من لم يصب فالخوف يدنيه إلى
قبر به اﻷوهام نار تتقد
و نشر الشاعر ماهر عبد الواحد قائلا:
مقطعان من قصيدة ً أناجي فيها الموت ، بعد انتشاره السريع وحصده لكثير من أرواح الأصدقاء والأعزاء ، والقصيدة بعنوان " أيها الموت أتدري " ؟!! ... اللهم اكشف الغمة ، و تعود الأمور لطبيعتها يا حي يا قيوم .
أيها المَوْتُ أتدري ؟!
أيُّهــا المَـــوْتُ أتـــــــدْري ...
كـمْ هَــدَمْتَ منْ أمـَــاني
كـــمْ بنَـــا تلـــهو وتــذري ...
كـمْ عَصَــفتَ بالجَنــــَانِ
كـــمْ قطــفْتَ منـَّـا زَهْــرا ...
كـــمْ لعِـــبْتَ بالمَــعَانـي
كـــمْ خَطــفْتَ منْ حَبـيبٍ ...
تـَـاركاً قلـــــبًا يُعـــَـانِي
والدِّمــــوعُ إذْ تسـِــــــيلُ ...
جَــرْيُهــا كــلُّ البَيـَــانِ
والفـــراقُ مِنْـكَ صَــعْبٌ ...
جَمَّـــدَ حَـــرْفَ اللسَـــانِ
بَيْـــنَ بَيـــْنٍ وافْتــــرَاقٍ ...
قدْ خَبـَا هَمْـسُ الحَنـَـانِ
كمْ شربْنــَا الكأسَ مُــرَّا ...
عَـبْرَ صَفَحَـاتِ الزمـَانِ
كمْ أهــَانَ الدَمْـعُ شيْخًـا ...
هَــزَّ أعْطــَـافَ الكيـَانِ
إنْ نسينـاكَ في يَــــوْمٍ ...
تأتِ بالخـَــبَرِ الحَزيــنِ
منــكَ يا مَـوْتُ الكــآبة ...
وقعُـــها فـــوْقَ الجـبينِ
فيــــكَ آلامُ النهــــاية ...
خُضِّــبَتْ عَبْـرَ السنينِ
قَـــدْ تفاجئــنـَا بوَقْــعٍ ...
مُـؤلِـمٍ فـِي كـلِّ حِـين
إنْ لقينــَـاكَ بصَـــبْرٍ ...
كُنـْـتَ صَبْـرًا بالوتـينِ
و كتب الشاعر ثروت سليم متأثرا بموت الشعراء واحدا تلو الآخر:
للشِعْرِ صَوْتُ العَقْل
في زمنِ الغوايةِ والوَشايةِ والغبَاءْ
للشِعْرِ الهَامُ السَمَاءِ ..لكُلِ مَنْ عَشِق الضياءْ
والشِعْرُ لولا الشِعْرُ ..سَادَ البُغْضُ
غَابَ الحُبُ ..
عن هذا الفضَاءْ
يَتسَاقَطُ الشُعرَاءُ..
بيتاً ..بعدَ بيْتٍ .. بعدَ بَيْتٍ ..
فرد عليه الشاعر ماهر عبد الواحد :
يتسـاقط الشــعراءُ قـد رحَــلوا إلى دارِ الفنــاءِ
والوقتُ لمْ يجدَ الدقائقَ للسلام أو الوداع أو البكاءِ
والدمْـعُ قد سَـبَقَ العيونَ مُلبـيا بَعْـضَ الرجاءِ
يا عَاشــقا ترك الحَبيــبَ مُضَيَّـعًا بينَ الجواءِ
هل للمُسافر أنْ يَعُودَ كي أفـوزَ بعضَ اللقاءِ ؟!!
و كتب الشاعر سامح توكل أبو السبح :
كم سئمنا من حديث عن وبا هز البلاد
هل لنا إلا مغيث غيره رب العباد
يا إله الكون غثنا إننا حقا نباد
و كتب الشاعر سمير الأمير ( وقد أنشأ ديوانا كاملا بعنوان رباعيات في زمن الكورونا ) بالعامية المصرية :
الموت كتر و الدنيا بتفلفص
ولحد امتي نفتري ونهجص
لازم نتوب عن كل فعل حرام
حسن الختام ف الاخرة بيخلص
و نشر صاحبه محمد عطوة بالعامية المصرية :
مطلوق ملاك الموت ع الخلق في الزحمه
راكب حصـان خـوَّان لا لجـام و لا رحـمه
شمس الوداع بتفوت ع الخلق كل صباح
تبعت شعاع لـ الأرض على كل شبر متاح
ليه الامان ارتـاح، سـاب في القلق وحـمه ؟
و كتب الشاعر وائل جمال القناوي بالعامية المصرية :
كــــل يـــــوم بيمُــــرّ بينــا
نلقــى فيــه النـاس حزينة
والدمــــوع ع الخــــد نازلـة
بتآزرنا .. وتواســــينا
دمــع نابـــع مـــن قلوبنـــا
يغســل الـران اللـــي فينـــا
والسـؤال اللــي شاغلنا
بيراودنا .. لــــو نســـــــينا
ليه تملّي الموت بيخْطف
صـفوة النـاس اللي فينـا؟
واحنــــا بنــودّع جســــدهم
ننســــى إن الـــدور علينــــا
والحيــــاة تشـــغلنا عنهــــم
وان روحهـــم بتنادينــــــا
رافعة راية " العمر لحظة"
مهمـــا طـــال العمـــر بينــا
وان طبــــع الدنيــــا فانيـــة
مهمـا ضـحكت برضــو لينا
تبتســــم لينــــــا النهـــــاردة
تانـي يــوم تضــحك علينــا
ولم يخل الأمر من بعض الفكاهة فقد نشر الشاعر فتحي البريشي مقطعا ساخرا بالعامية المصرية قال فيه :
يا أم الكمامة القطيفة .. و الجوانتي حرير ..
يا اللي السبرتو ف إيديكي مكرراه تكرير ..
.. إديني رشة .. ينوبك في 1000 ثواب ..
بس اوعي يطلع لي من خلف الكمامة غفير ..
تفاعل الشعراء إذن مع الحدث و عبروا عنه بأشعارهم . ولاشك ستنتهي الأحداث و تبقى القصيدة.
Post A Comment: