لم يعد الصراع في الحياة من أجل الرزق صراع كل إنسان يبحث عن رزقه، بل أصبح يفكر بأنه لا بد أن يستحوذ على كل ما تصل إليه يداه. وأصبح الطمع والجشع أمرين عاديين ولهما ما يبررهما وكأنما انعدمت المشاعر الإنسانية وتخلينا عن صفات البشر.
وفي الحقيقة نحن نعيش بالفعل بقانون الغابة، حيث تحكمنا الشهوات وتحركنا الغرائز ولا قيم ولا أخلاق ولا فكر ولا عقيدة . .
وبهذا الشكل تصبح البشرية قد شارفت على الانتهاء وبدأت أولى خطواتها في الزوال واتجهت إلى الهاوية. وهذا لأنها تستخدم كل ما وهبها الله إياه لقتل النفس البشرية فقط، وتسعى كل فئة إلى تدمير الفئة الأخرى مما سيؤدي في النهاية إلى فناء الجميع بما فيها الاختراعات التي قدمها الإنسان للبشرية.
وحيث إنه لا يمتلك في الوقت الحالي تلك القيمة الفكرية التي تعلمه الهدف من الحياة وجد نفسه يسير كالأعمى لا يعرف ماذا اكتشف وصنع لنفسه أشياء تقضى عليه من فيروسات وأوبئة وأمراض مزمنة ومستعصية، وحروب بتكنولوجيا متقدمة وما فيها من أمراض أخرى تنتج عنها، وهذا البعد الإنساني الواضح في العلاقات بين البشر لا يؤدى إلا إلى الزوال.
ولو نظرنا إلى الطبيعة التي منحنا الله إياها نجد أن الإنسان قد دمر هذه الطبيعة أيضًا سواء كان ذلك بقصد أو لم يكن، وذلك نتيجة للتوسع العمراني أو لزيادة أو نتيجة الأبحاث العلمية الوراثية آو لأي سبب آخر. إن البشرية تقود نفسها إلى النهاية وهذا مصير محتوم، وليست المشكلة هي المشارفة على النهاية حيث إن لكل شيء بداية ونهاية، ولكن السؤال الآن لماذا كل هذه الأمراض وكل هذه الجرائم؟ ولماذا كل هذا الخراب على الأرض؟؟ إذا حاولت أن ترى مشهدًا جميلًا في أي من المدن على سبيل المثال، تجده ملوثًا بالاختراعات البشرية والجدران الأسمنتية وتجد أن جميع الذين يسكنون بهذه المدن يعانون من اضطرابات نفسية وعصبية وكل هذا سببه الإنسان وما صنعه بنفسه .
ولكن دعونا نبدأ في تصور لشكل البشرية الآن، وما هي الحضارات الموجودة وما السبب في هذا كله .
أما على المستوى البشري فإنني أجد أنه من الأهمية بمكان أن نعرف الواقع المحيط بنا الآن، وما يريده منا الآخرون ، وما الدافع لهذا ولماذا يقومون بهذا التصرف .
إن الحروب التي نشبت في العالم في العصر الحديث لها أبعاد مختلفة أهمها الأبعاد الشخصية. فأما على مستوى الدول، نجد أن من يحرك هذه الدول سواء كانت العظمى أو النامية هم أفراد لهم أهداف وقناعات شخصية تتفق مع بعض أفراد المجتمع وتختلف مع الآخرين منهم، كما أن لهم أيضا أبعادًا فكرية تؤمن شعوبهم ببعضها أحيانًا ولا تؤمن بالبعض الآخر. ورغم ذلك، يرجع إلى هؤلاء الشعوب مصير قرارات الحروب.
ولا يخوض هؤلاء الأفراد الحروب بأنفسهم، بل تتحرك جيوشهم ومن يتبعهم من أجلها. وفي النهاية فمن يحيا ومن يموت ليسوا هم أولئك الأفراد ، وإنما تخسر الشعوب أبناءها جراء هذه القرارات والمصالح الشخصية. وكم من حروب نشبت كانت شعوب بأسرها تختلف عليها، ولكنها في النهاية حروب بها حياة وفناء، وخاسر وفائز.
وأما على المستوى الإنساني، فإننا نجد أن جميع البشر لا يملكون حقدًا أو ضغينة شخصية فيما بين بعضهم البعض. فلماذا إذًا يتحارب طرفان من دول مختلفة ويقتل احدهما الأخر دون أن يعرف أي منهما سببًا لذلك غير أن صانعي القرار اتخذوا القرار بالحرب؟؟ لماذا كانت تحارب الفرس الروم من أجل ممالك يريد كل ملك أن يوسع من رقعة مملكته ومنطقة نفوذه أم من أجل المال أم من أجل القوة أو من أجل العظمة أي ما كانت الأسباب أين ذهب الفرس وأين ذهب الرومان ؟؟! (لله ميراث السموات والأرض) إن ما نعيش من أجله ونؤمن به هو ما يستحق أن نموت من في سبيله .
وهنا بيت القصيد، فبغض النظر عن الرابح أو الخاسر فيها، فإن من مات فيها هم بنو الإنسان يقتل بعضهم بعضًا. وهذه هي قصة قابيل وهابيل في بداية البشرية تعيد نفسها من جديد..وفي جانب آخر، نجد الانحدار ينتشر في جماعات متعددة وبلدان ودول مختلفة. وهو نتاج طبيعي لعدم وجود الهوية الفكرية. فهذه الشعوب التي تقاتلت وأفنى بعضها بعضًا، هل تقاتلت من أجل هدف أسمى أم من أجل مطامع شخصية دنيوية؟؟ هنا يكمن الفرق في أن الهدف من الحرب هو أساس قيامها وليس الحرب بذاتها لأن الحروب لا مفر منها، وسوف تحدث شئنا أم أبينا.
ولكن ماذا بعد الحرب؟؟ هل هناك حضارة أم هناك دمار وخراب؟؟ هذا لا يحدده سوى الهدف الذي قامت من أجله الحرب.
Post A Comment: