بصباح من أصبح أواسط الشتاء... مكسو بوشاح رمادي... لبست آنسة البيت معطفها الأزرق الملكي الموقع من أعرق صالات الموضى...بنطلونها  الأبيض... تعطرت بعطرها الباريسي الاخاد... حملت حقيبة يدها ... قصدت المطبخ تبحت عن خادمتها المطيعة...لفت جميع أركانه بنظراتها الشاردة... سألت أين فتيحة؟....أجابت الطباخة : بالحديقة الخلفية....تركت المطبخ و تابعت البحث...وجدتها قصدتها قائلة ...فتيحة هيا سنخرج...
ردت : مستغربة لحماس الآنسة نعم طبعا سأجهز نفسي فورا.... 
لا داعي...
حسنا... آنستي فقط الحقيبة...
على مضض حسنا لكن لا تتأخري.. 
أحضرت حقيبتها وركضت خلفها بذهول... 
أدارت  آنسة البيت  السيارة و انطلقا حيث اللامكان...لم تتردد فتيحة باستراق النظر وقراءة ملامح الآنسة...قرأت الغرابة لكن السائقة لم تتأخر بخلق حديث يؤنس رحلتهما الغريبة... 
فتيحة أخبريني عنك ؟
عن ماذا يا آنسة ؟
كل شيء...
أنا فتيحة إبنة مزارع بسيط...
قاطعتها إذا أنتم أصحاب أرض ..
لا  آنستي لنا أرض لا تتعدى أربعين مثر وهبها صاحب الضيعة لأبي كنهاية خدمة..
هل درست يا فتيحة؟...
سكنت لمعة دمعة بطرف عين فتيحة قبل أن تجيب...
كنت من ضمن مجتهدي  الأقسام الابتدائية...لكن كان من الصعب أن أتابع الإعدادي....أبي كان يرفض فكرة الدراسة خارج قريتنا بدار الطالبات...كان يسمع بين رفاقه وهم يتسامرون بدكان القرية أن البنات يتعلمن قراءة كتب نوال السعداوي ومسك السجائر بالسكن الداخلي...فقرر أن أتوقف عن التعلم رغم تفوقي....
هل أنت سعيدة يا فتيحة؟
لا أعرف آنستي...
ضحكت بشراهة الآنسة...
آسفة سأسألك بشكل أوضح ما الأشياء التي ان ملكتها تجعلك سعيدة ؟...
بيت صغير دافىء.... 
فحسب؟...
نعم فقط...
فتيحة هل أنت سعيدة ببيتنا...
ترددت و سكنت نظراتها ...هربت بهما إلى ما وراء زجاج السيارة...
وأجابت صعب أن أصف السعادة بتواجدي ببيتكم لكن أستطيع أن أصفها بالرضى ...فأنا تلقنت كيف أكون راضية ومكتفية لا كيف أن أكون سعيدة....
  حسنا هل تشعرين بالملل؟...لم تنتظر جوابها سلبا أو إيجابا...
أدارت زر المذياع عيرته على أغنية صاخبة...
هل ازعجتك الموسيقى ؟...
لا لا  آنستي إطلاقا...
فتيحة أعرف أنك ترغبين بطرح أسئلة علي هيا هيا لا تخجلي...
لا  آنستي... 
كيف لا؟...
أقصد لا يحضرني أي سؤال الآن ..
لأنك غبية...
كما تشائين  آنستي...
ماذا تقصدين هل أعتبرها مسايرة؟...
لا لا.... ل ...ي....
اصمتي كفى...
هل تخودين معي مغامرة طريفة؟...سأختبر  تباث قلبك أعرف أنك جبانة لكن لا مفر من خوض المغامرة معي....
ارتابت فتيحة... آنستي  هل نعود؟....
ماذا؟....
نعود؟...
هههههههه...
عزيزتي فتيحة لم نلتقي بنقطة بهاته الحياة الشاسعة الظالمة فلنلتقي بعتبات عالم آخر ... 
لممممم  افهممم  آنستي ما تقصدين؟...هل تمزحين؟...
هههههه أمزح؟ ههههه...
نعم ربما...أمزح....
لنمزح سويا يا فتيحة...
 آنستي.... آنستي... انتبهي منحدر.. انتبهيييي...
سيدي نعلمكم بوقوع حادتة خطيرة على مستوى منحدر يبدو أنها حالة انتحار حسب شهود عيان...ضحاياها سيدتين ... وجدنا داخل السيارة حقيبتي يد إحداها موقعة بها أقلام حمرة ولاعة علبة دواء نفدت أقراصها... بطاقة هوية وبطاقة بنكية داخل محفظة نقود... سيدي مع اختبار حمل...
نعم نعم فهمت....
والحقيبة التانية...بها ورقة صغيرة تحمل رقم هاتف غير مدون عليه إسم صاحبه.... حاولوا الإتصال به ربما رقم أحد أقاربها....
ألو ...
ألو معكم مكتب بيع مشروع الأمل للسكن الإقتصادي....
ألو ألو...






Share To: