كان يجلس علي قارعة الطريق ،طاعنا في السن لا تستطيع تحديد عمره ،إذا حزن، أو سمع خبرا سيئا، وأعتقد أنه كان لا يسمع غير ذلك،كما كان يصف نفسه دائما: بأنه لم يخلق للدنيا ولم تخلق لمثله ....كان ذلك في المرات القليلة التي سمعته فيها يتكلم وأنا أشتري منه بقرش من أعواد القصب في الماضي البعيد وكانت مفاجأة أن الرجل يتكلم ! فكان يبدوا وهو حزين وكأنه فارق الحياة! أو علي أحسن الفروض والأحوال يكون تخطي المائة العام ،أما إذا  أبتسم وكانت تلك المرة الوحيدة منذ أكثر من عشرين عاما كما حكي عنه المقربون.؟فكان يبدو أقل من عمره وتتأكد أنه ما زال على قيد الحياة ...كان لا ينطلق لسانه ويتدفق بالحديث ويستعيد الرجل نشاطه، وحيويته  التي فارقته منذ دهر مضي ، إلا حين تمر من أمامه جنازة فكان يرفع كفيه للسماء متضرعا والجنازة  قبالته تماما ويشير نحوها ويقصد المتوفي لقد سامحته بالدين الذي عنده_يقصد أن المتوفي عليه نقود ثمن قصب اشتراه قبل الموت_ والرجل لا يعرف المتوفي!! وهكذا مع مرور كل جنازة من أمامه فلم يمت أحد إلا وهو عليه دين لبائع القصب علي حد قوله  ،!!
فعل ذلك في الجنازة الأخيرة ولكن أحد الأشخاص ذهب إليه وأخبره أن المتوفي إمرأة.!!






Share To: