ما زالَ في قلبي صراخٌ
 منذُ مولدِنا القديمْ
الدمعُ يا أمِّي تَسرْبَلَ
في عيوني كالجحيمْ
كم كنتُ أخشى أنْ تكونَ شموعُنا 
دربًا من التِيهِ العظيمْ
فنظلُ مَوتَى في دروبِ العمرِ
 نبحثُ عن قبورْ
في زمانٍ ضاجعَ الفكرَ العقيمْ
الفجرُ يا أمي تساقطَ بين أحضاني
يخافُ من الغيومْ
والصبحُ يا أمِّي يخافُ 
تصَارُعَ الإنسانِ جهرًا في الهمومْ
والناسُ حَولي يَضْحكونَ ويَمْرحونَ
كمْ كنتُ أصرخُ بينهم 
والصوتُ في قلبي كتومٌ
من يومِها
ماتَ السرورُ بوجهِ أيامي
فصرختُ (أمي)
كم عشتُ أقرأُ وجهَك المكلومَ دومًا في الجدارِ
فأظلُّ أجري خلفَه 
وأعودُ كالأطفالِ
فيلقيني الدمارُ إلى الدمارِ
والأمُ تصرخُ في عيونِ الصمتِ 
(نمْ يا صغيري)
فالزمانُ الحرُّ آتٍ بالنهارِ
وظللتُ أحضنُ وجهَ أمي
وأغوصُ في أعماقِها
أستنشقُ الأنسامَ من بسماتِها
أقتاتُ زادي كلَّ يومٍ 
من بريقِ عيونِها
أمِّي تُساءلني
لماذا انتَ يا ولدي حزينٌ
فالناسُ يا أمِّي 
تُمزِّق بينَ أعماقي الحنينَ
فيثورَ في قلبي
 شعورٌ جامحٌ لا يستكينُ
أنا لستُ أدري 
كيف تُصبحُ كلُّ أحلامي
 مُنَكسَةَ الجبينِ
أو كيفَ تُصبحُ كلَّ يومٍ قريتي 
تقتاتُ أنواعَ الأنينِ
هل هو الحقدُ المُمَدَدُ
 في قلوبِ السابقين
أم هو الخوفُ الممزقُ 
في قلوبِ العاشقينَ
ما عدتُ أذكرُ يومَ مولدِنا القديمَ
أو وجهَ منزلِنا القديمَ
أنا لستُ أدري منه غيرَ ساعةِ مولدي
وأجِدْه دومًا في انتصارِ قصائدي
................
لكَ يا صغيري
أنْ تُغيرَ ما تشاء
لونَ وجهِك 
نوعَ دمِّك
لك أنْ تُغيرَ أيَّ شيءٍ في حياتك
لكنْ بِربِك 
لا تنتحلْ يوماً صفاتَك
فأنا أغيرُ كلَّ يومٍ 
ألفَ منديلٍ ورقْ
وأنا أُغيرُ ألفَ قنديلٍ بقلبي
 قدْ تهشَّم واحترقْ
كنْ دائماً حيَّاً بقبرِك 
لا تمتْ
ما زالَ في أجداثِنا مَوتى كثير 
يفكرونَ ويضحكونَ 
أنظلُ مَوتى في دروبِ العُمر 
نبحثُ عن قبورٍ
 في زمانٍ ضاجعَ الفكرَ العقيمَ
ما أقبحَ الموتَ قهرًا
في زمانٍ صارَ يفخرَ بالقبورِ






Share To: