قصيدة جديدة إهداء إلى الراحل الكبير : د / حسين عبد القادر
-------------------------------------------------------------
بُحيرةٌ آسِنَةٌ... لتماسيحَ كثيرة
___________
ـــــ إِلْزَاَ
_______
تَعَالَىْ إلى قلبى
وأطلقى دم الكلمات
فى الوريد
كنافورةٍ مُهشّمةٍ انفجر ماؤها
فى ليلٍ يتبدد
ثمّةَ سَهمٌ طائشٌ يخترق القلب
على جذع شجرة
والعاشقان الجالسان تحتها
بأنفاسهما اللاهثة
نَسِيَاَ حرب طِرْوَادة والبَسُوس
وسقوط غرناطة
نَسِيَا السكين التى مرتْ
نَسِيا القاسيةَ قلوبُهم
وقالا.... ليكن بيتُنا خيمةَ شِعْر
وشعرُنا بيتٌ من الموسيقى
والموسيقى وردةٌ على غار
تاهتْ عنه الرُّؤى والأقدام
تعالَىْ إلى قلبى
بعطرك الحزين
وعينيك الحائرتين
هَلْ هُما حربٌ أَمْ سِلْمٌ؟
غيثٌ أَمْ إعصار
توبةٌ أَمْ خطيئة
شكُ أَمْ يقين؟!
يمر الفرسان بخيولهم الوحشية
والطواغيتُ بسيوفهم
يكتبون التاريخ ، فنبكى ونرتجف
بينما المصابيحُ تُنير الشوارع لملائكةِ
يصعدون ويهبطون
وأوغادٍ كثيرين يرقصون
تعالَىْ
انتزعتُ نُبوءتى
وجئتُ بيأسى
ووقفتُ فى تيهٍ كامل
بوجهٍ مرتعبٍ
لا صوتَ لىِ
يعرفنى "أراجون" ويومئ لى
(أنت الذى وشمته الكلمات
بنارها
فآل إليك طعم الجحيم
ها هى إلزا تركض
كغزالٍ يفرُّ من صياده
وأنا حريقٌ ينتظر الماء
أسيرٌ .... بين ثلج ونار)
يرتجفُ أراجون لعيون إلزا
فأهمسُ
صدرى درجٌ للصعود
وقلبى صلاةُ
هذا وريدى ودمكِ
صلاتى نشيِدُكِ
وظمأى المُرُّ .... قبل المغيب
*****************
ــــــــ يا حُسين
_________ ( فى محبة العالم المتفرد الراحل / د حسين عبدالقادر)
لَمْ يمتلئ كأس... من العشق
ولا بسمةٌ دامت
بأرض الحَزَانَى
أضرمتُ فى الظل نار توحدى
صرتُ جلاداً... وكنتُ ضحيتى
أنا جندىُّ هذى الحرب
جندىُّ الفراغ
زرعتُ شوكى فى الطريق
و أَرَقْتُ روحى
صرتُ ال(كربلاء) فى نفسى
و ذاتى
وماءُ " ابن معاوية" يقايضها
بدَمِي
فرَ النهارُ مِن عيون حبيبتى
فرّ النهار
كتنهيدةٍ
كصدىً
كصوتٍ مارقٍ فى لحظة الفقد
مَنْ يستطيع أنْ يُمْسِكَ الكلمات
و أَنْ يَبِينَ للأعمى قوسَ قُزحٍ
وانعكاس المرايا
ما عرفتُ خُطاى
اتبعتُك... واتبعتُ الرؤى
الغدُ آيتُك
وغَدِى خريفٌ شاحبٌ
يا "حُسين"
سيقولُ "زِيِوَر "
كى يوقفك مُبتسما:
(يا حُسين:
الأحلامُ تأويلٌ
و الرُّؤى دالاتٌ على الرغباتِ
والهفواتُ طريقها الملكي
للبوح الخفي
وأنتَ عابرٌ
بين هذا.... و ذاك)
أدرتَ وجهكَ ... فالتمسنى
هل أنا "الرّوميُ " يمشى
خلف شَمْسِه
و"التبريزى" يدورُ ، يدور
مصلوباً حول ذاته
صاعداً للأعالى
يُسددُ الملاك سهمه الأخير
إلى القلب
فتنامُ مبتسماً
خرساءٌ طيورُك التى علمتها التأويل
عمياء تحط على بساتينك
تنتظر بُحّةَ صوتك ، ولغتَك المستحيلة
مَنْ سَيُطرق قلبى إذن
آخر الليل؟
مَنْ سيأتى بالزهرات الخجلى؟
وأنا أبحث عن وجه حبيبتي
فى الشوارع والميادين
و مَنْ وضع تلك النجوم
فى عينيكَ
وهمس : يا حُسين
ثم ذهب ؟!
***************
ــــــ چَانْ دَارْك
_____________
أرتجفُ وحيداً
فى الشوارع الخاوية
أركلُ بأقدامى الصمت والموت
والأمنيات
يقذفنى الخوفُ لفافة تبغ
جوار الرصيف
تِلالَىِ الخُضْر أكلها الحريق
والعجوز الطفل أحْنَتْه الرياح
خُذى ما تشاءين
يا حبيبتى
مِن البنفسج والياسمين
و انثُريه على بُحيراتى الآسنة
و الظُلمات
أنتِ تَسيرين على الماء
تُشيرين لى : تعالْ
ما كان حُلماً
لماذا تهب العواصفُ بينى وبينكِ؟
والتماسيح تفتح أفواهها
جائعةَ
وتشحذُ أسنانها... لصيدٍ جديد
مِنْ أين تأتين بتلك الطمأنينة
وقلبى شريد البلاد؟
أعيدي يقيني
أعيدى هُوية ذاك الغريب
وحيداً يحمل زهور الجنائز
وحيداً يجلس
على أريكته الفارغة
يُصغى للريح وللذكريات
ينزع جلد التماسيح
لأرتديها
أجمعُ دموعها فى زجاجات
أخلطها بصَلصالٍ
أصنعُ جسدا ل " چانْ دَارْك"
ها هى الآن
تلبس خُوذة الحرب
تهيمُ فى الطرقات
أيُّها الواقفون
أخلوا السبيل إليها
لا تنصبوا المشانق
لا تنفخوا بنار الحرائق
العذراءُ المنتحبةُ
على وطنِها
تلبسُ كالرجال
ومثل الرجال تقاتل
والعبيدُ العبيدُ
صاروا نساءً
فى شرق النُبؤات
بكيتُ
فى قرطبة... بكيتُ
فى بغداد... بكيتُ
وفى التحرير...ُ بكيتُ
والعرافة لا زالت تغسل وجهها
فى نهر الغاضبين
وتعود بالخيبات
فتهتف كربلاء: يا حُسين
وتصرخ "إلزا ":
الحياةُ بحيرةٌ آسنةٌ...لتماسيحَ كثيرة
وأنتِ تُنادين اليتامى
والمساكين
كقديسةٍ مُهَرْطقةٍ...
اسْمُهَا .... چَان دارك
******************
اشارات:
- أراجون : شاعر فرنسي ، وإلزا حبيبته
- زيور : هو عالم النفس الشهير د مصطفى زيور
- الرُّومي : جلال الدين الرومي
- التبريزي : شمس الدين التبريزي، معلم جلال الدين الرومي
- چان دارك : فتاة فرنسية قادت فرنسا للتحرر ضد انجلترا وهى فى التاسعة عشر من عمرها ، ثم أعدمت بتهمة الهرطقة ، وبعد سنوات جعلوها قديسة !!
*******************************
Post A Comment: