ما مضى
ان شد ما قد يعرقلك من التقدم للأمام النظر للوراء
فى طفولتى كنت كثيرة الالتفات للوراء.. فلم أكن أسير الا وانا انظر إلى الوراء لا تدرى على اى شئ انظر غير ملتفتة لطريقى وما قد القاه. 
اذكر ذاك الموقف البعيد جدا
وانا فى الخامسة من عمرى كنت أسير كعادتى مع اخوتى ذاهبين إلى بيت عمتى فى طريق ريفى جميل لن تجده اليوم
دعنا من الطريق فلا شأن لنا بوصفه  واسمع ما فعلته طفلة صفها بأى وصف تريد لا بأس
كنت وانا أسير إلى جوارهما انظر إلى الوراء بقلب جامد أنهما يسيران إلى جوارى
لا أذكر على ماذا كنت انظر؟
كل ما اذكره انى سيرت مسافة قصيرة وانا انظر خلفى لا انتبه إلى طريقى إلى أن اصطدمت صدمة قوية بعمود النور حينها أدركت الموقف ورأيت اخوتى امامى وقد سبقانى إلى الأمام تاركين اياي وحدى مع ما مضى
عاد اخى إلى يصفعنى موبخا اياى.. ألم اقل لك اكثر من مرة لا تنظرى وراءك وانت تسيرين
ثم جذبنى الى جواره وأختى واكملنا سيرنا
ظلت رأسي تؤلمنى من اصطدامى بالعمود ولم اتعلم كيف اسير وانا انظر للأمام 
أصبح النظر الى الوراء جزءا اصيلا لا يتجزأ من كيانى وشخصيتى..
 عشرون عاما وانا انظر للوراء أحيا مع ما مضى ولا التفت لحاضرى ولا اخطط لمستقبلى
الماضى هو كيانى هو حاضرى ومستقبلى. ففيه أحيا واسبح فى اعماقه ولم اتعلم كيف الصعود إلى سطحه لاستقبال ضوء الشمس مع كل فجر جديد
اليوم وانا انزف بداخلى من صفعات وجهتها لنفسي واخرى استقبلتها من الآخرين أدرك ما قد اهدرته هباءا من عمرى فى اللاشئ
وما ادراك ما اللاشئ
أدركت انى حييت اعواما مع الماضى ووجدتنى الوحيدة التى تأخرت فى سيرها ولم تصل إلى شئ. 
ففى الماضى حينما اصطدمت بالعمود وجدت اخوتى قد سبقانى ولكنهما عادا ليأخذانى إلى جوارهما ليسير ثلاثتنا إلى جوار بعضنا البعض. 
النظر الى الوراء اعاقنى من الانتباه إلى عمود النور الذى المتنى صدمته وانتشر الألم فى رأسي. 
اعاقنى من التقدم فى السير مع اخوتى وتسبب فى عودتهم للوراء من أجلى. 
المشهد الأن لا ادرى ان كان شبيها ام لا بما مضى
لو انى تعلمت من الخامسة الا انظر ورائي فكيف كان حالى ليصبح وانا فى عمرى الحالى. 
انا الان لاشئ سوى شخص قد أفاق بعدما اصطدم بسحب الحياة الغابرة وقد سبقه رفاقه ولا احد يلتفت له ليأخذ بيده ويجعله يسير إلى جواره. 
لقد أنجزت الكثير والكثير فى عمرى ولك أن تسألنى عن إنجازاتى العديدة فأجيبك بما يذهلك ويجعلك تصفق لى ساخرا مثلما افعل مع نفسي. 
او لماذا تسألنى وقد اخبرتك ما حدث في طفولتي وانا التفت للوراء لبضع دقائق؟ 
فما بالك وانا انظر للوراء لسنوات عدة.. تتوقع كيف كان الصدام؟
كم الألم الذى جنيته ونزيف داخلى احالنى إلى مقبرة البؤساء
هل انت مثلى؟
ان كنت مثلى فرحمة الله عليك ان لم تسرع وتنظر امامك لترى المشهد واضحا وتدرك كم الواصلين من حولك وكم الأقدام المسرعة لقطع مسافاتها إلى ما تريد
عليك أن تدرك كم الحركة من حولك وانت خامل تسير فى بطئ يعرقلك النظر للوراء
ربما لا تصطدم بعمود او شئ يجعلك تنتبه من الوجع فربما تسقط فى حفرة وانت تسير فى غير انتباه وتكون هى مثواك الأخير
لا أحد سيلتفت لك حينها وانت تنادى تستنجد بهم.. الجميع منهمك فى السير.. لا أحد يعود للوراء من أجلك. 













Share To: