وقفت مع نفسى متسائلاً -ككل الناس - عن أحوال هذا العالم الذى طُمست خارطته وشُوهت صورته وعمْه الإرتباك والهلع وامتلك القلب وجيبه نحو شعور لم نعرف كنهّه قبل اليوم !! ..اهتزت عروش حُكامه ، تهاوات كل الاقتصاديات ، اعلنت الشركات إفلاسها ، حُبس الإنسان( المتحضر والجاهل ، الغنى والفقير ) كلٌ فى بيته خلف حائطه أو زجاج منزله ينتظر مصيره تنتابه حالة الذهول والاكتئاب وهو يرى حصاد المنايا بأقصى سرعة وأحَدَّ من السيف بين عشيةٍ وضُحاها حتى انتاب الكثيرين حالة الشك نحو حقيقة وجودهم فى هذا العالم كما شك الغزالى و ديكارت من قبل .
..وصل الأمر لحد أن وصّد الأخ بابه فى وجه أخيه وترك الإبن والابنة الأب والأم وهما يحتضران يواجهان مصيرهما بمفردهما وهو يقول نفسى نفسى ..حقاً لكل امرئ منهم اليوم شأن يغنيه !!
وصدّت الدول الصديقة والحليفة أبوابها فى وجه بعضها البعض والأغرب من ذلك أن من بنوا الجُدر العازلة وقت الجبروت ليحصنّوا أنفسهم ويمنعوا خيراتهم عن الدول الفقيرة يبحثون عن معول هدم ليلذوا بأراضيهم اليوم طلباً للنجاة من شبح الموت الذى أردىّ الآلاف منهم فى مقابر جماعية وعلى الطرقات .
ماذا يحدث حولنا ؟!! سؤال أرهقنا كثيراً ..أُغلقت المدارس ، رُفعت مفاتيح المساجد للسماء ، اغلقت الكعبة أبوابها فى وجه الحجيج ..غضبت السماء وحق لها اليوم أن تغضب ..هُزمت جيوش الأرض بعلمائها الأفذاذ وترساناتها النووية وأقمارها الصناعية وأجهزة التصنت وكل مخابراتها أمام أصغر وأوهن جند من جنود الله عز وجل ..أين المتجبرون بقواهم ؟! أين المتعجرفون بعلمهم ؟!
.. كلا إن الإنسان ليطغىْ.. فكأن جاهلية أبوجهل لم تتغير فطغى الإنسان بعلمه وتناسى أن عقله محدود وهبه له خالقه وأودع بداخله معرفة محدودة لن تحيط علم خالقها مثقال ذرة وساد الغرور مخلوق ضعيف تُنته عرقه وتفنيه شهقة فجاهر بالمعصية المُسلم قبل الكافر وسادت الفاحشة وشرب الخمور والجور وتطاول على الرسل والأديان من نثالة البشر وتصدر أنصاف المتعلمين المشهد الثقافى وباتت قدوة الأبناء أصحاب المهرجانات ولاعبوا كرة القدم والفنانيين وتم تسفيه العلماء وبات العلم طريداً بين الأطواد !!
ولعل العقاب عندما طال الجميع لهو عظة أخرى تقربنا إلى مشهد يوم القيامة عندما يتساوى الجميع فى الوقوف عراة ينتظرون حسابهم .إن رجال الغرب الذين صنعوا لحياتهم الدينيوية وكأنها الأبدية افتتن بهم المستهلكون للتكنولوجيا بلا رصيد لهم فى حضارة اليوم من العرب والشرق ووصل الأمر حد التأثر بهم حتى الثمالة فتأكد قوله عز وجل " أن رأه استغنى " فهل استغنى الإنسان عن خالقه ؟! وأبى السجود والخشوع وظن بعلمه وعقله المحدود الوصول الى اللامحدود ؟!
تلك مغالطة و خديعة كبرى سقط فيها من سقط
فجاء الرد الإلهى الذى يصلح لكل زمان ومكان .." إن إلى ربك الرُجعى"
ولعل الفارق بين مشهد اليوم ومشهد الأخرة هو فرصة الكثيرون فى الإنابة إلى ربهم قبل فوات الأوان ..فهل عاد الإنسان إلى رشده وهل كان درس كورونا واعظاً يكفيه وهو يرى بأن الموت أقرب إليه من حبل الوريد ؟!! تلك مسألة أظنها لا تحتاج الوقوف لديها طويلاً بشئ من الدهشة قدر الأخذ بالحكمة ولملمت ما فرط فيه الإنسان فى جنب الله لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا .
Post A Comment: