الشاعرة المغربية كنزة الشنتوف تكتب نص بعنوان "ضباب لذيذ"

أضع النظارات جانبا  كي لا ارى جيدا، الضبابية ممتعة احيانا في تأمل الاشياء ، تجعلك تعطيها شكلا غير شكلها وتستمتع بذلك...هكذا يبدو لي ستار النافذة وهو يتحرك  كراقصة بالي تغازل جارها الذي هو ليس في الحقيقة الا شجرة تبدو من بعيد ! 

المشاهد في التلفزة تبدو لوحة تشكيلية ينبعث منها صوت اقل ازعاجا مما هو  عليه في الواقع...المرآة امامي تعكس وجهي الذي يبدو لي كما لو انه كعكة لم يكتمل طبخها...اضحك بشدة  من هذه اللعبة المضببه وادير وجهي لناحية الباب الذي اراه هو الأخر سورا يشبه سور مدرستي القديمة..اتذكر معلمة الصف الاول التي كنا نناديها استاذتي ،يوما طلبت مني ان اطلب من امي ان تخيط لبنات القسم شريطا ابيضا كالذي اضعه على راسي.أخبرت امي بذلك وقامت بالامر على الفور .تفاجأت المعلمة من الاشرطة  واخبرتي انها كانت تمزح فقط..الامر صنع لي حضوة عندها من يومها!

أنهض،أهم بارجاع النظارات لكن يغريني المشي المضبب فاتجه صوب آلة الغسيل بدل الثلاجة ،اكاد افتحها لولا ان شكلها المربع يو قفني..تعتريني نوبة ضحك فاقرر اعداد قهوة سوداء استمتع بها قبل عودة الابناء من المدارس وعودة الرؤية الواضحة.لا لم اضع الشاي بدل البن في الابريق،فرائحة القهوة لا يمكن ان اخطئها...حاسة الشم لدي قوية للغاية لدرجة انني استطيع شم كل عطور المحل المجاور واتبين عطر اناييس اناييس  الذي اعشقه...

أعود لمكاني وانا اكاد لا ارى شيئا واضحا لكن لا حاجة لذلك الان،يكفيني هذا العبق المنبعث من الفنجان وذكرياتي مع اناييس Anais Anais الغابرة...

لم اشتر هذا العطر الملائكي منذ سنين،اكتفي برائحة سائل الخزامى التي انظف به  بلاط البيت كل صباح وبرائحة البصل المدغدغة للعينين!

كم هو رائع هذا الجو الضبابي حيث تجد نفسك فوق السحاب وانت فقط فوق ا ريكة ...استمع لاغنية l'été indien واتخيل الناس كم هم فرحون برفع الحجر عن الشواطئ ،استغرب من نفسي حين الغي رومانسية المشهد الذي تعب في أدائه  Joe Dassein واقارنه بشواء الجلود فوق الرمال غير الذهبية!

زخم ضبابي لذيذ اغوص فيه كضباب اشياء كثيرة لاا فهمها حولي..ضباب يمشي فيه الناس،ضباب يلف افكارهم،ضباب في مسيرهم  لكنهم سعداء رغم ذلك...سعيدون بالمشي في الضباب كما لو انهم يستلذون الامر كما افعل انا ذلك الان...

يدق جرس الباب ،تسقط من يدى مجلة femme actuelle, اتجه لفتحه لكن هذه المرة وانا اضع نظاراتي كي اعود لاستقبال العالم برؤية لا مجال فيها لتداخل الاشياء ...