من خيمة ترتدي ثوب الحزن ، أركانها معطوبة نتيجة قهر الرحيل، قاعها مُبلل بالدموع  ، قاطنيها حزينون حتى أنا ،  من هُنا أهديكِ حُبي ونبض قلبي، أجدد عقد مشاعري المُتدفقة نحوكِ وما زلتُ كما وعدتكِ لحظة تشابك أيادينا عند أول وهلة ، منذُ عام إلا قُبلة أنتظر هذه اللحظات يا بنت قلبي، أي منذُ بعد يوم من احتفالي بكِ وذلك كان في الذكرى الثانية لزفافكِ إلى قلبي عروسٌ مُخضبة اليدين ، سحابة بلونِ أبيض رأيتكِ حينذاك ، وسمعتكِ ترتلين الهديل كالحمام ، ذاك الطائر من يحلق أعلى جبل حُبي . من هُنا  ، من حيث البُعد عنكِ ومن جوار النبرات المُشبعة بالعزاءات ، من حيث الحظ العاقر  أقهقه في وجه حظي الأعوج إزاء البُعد ، إزاء بُعدي عنكِ وبُعدكِ عني ، آهٍ كم هي اللحظات مؤلمة عندما تتصادف التعزئات والتهنئات ، الأفراح والأتراح والسعادات والتعاسات ، مؤلمة فعلاً والبقاء للأقوى ، هاهي التعزئات قتلت التهنئات ، والأتراح شتت الأفراح ، أما التعاسة دُججت بالأسلحة الخفيفة والثقيلة  فبعثرت السعادات يا طفلة فؤادي.

أنا هُنا خاوي من كل شيء إلا منكِ ومن حُبي لكِ واشتياقي لرؤيتكِ هذا اليوم ، هُنا أنا أتقمصُ وظيفة النادل السريع ، أقدم الإبتسامات للضيوف كذلك المشروبات  ، أقودُ قلبي المُشتت نتيجة الفجيعة نحو كل زائر لأهلِ الفقيد ، الفقيد من رحل دون عودة، من رحل إلى البعيد دون أن يخبرنا بسفره الطويل ، هُنا أنا أنظر لوجهِ العقيد والعقيد نجله ، أقرأ ملامحه دون أن يلتفت ، أسمع نبضات قلبه تردد لماذا يا والدي ذهبت دون أن تكمل لنا حديثك عن قصص الأجداد، ودون أن تخبرني بعيدِ ميلادي القادم وتشعل شمعة عيد هطول  الأحفاد ، أراهُ يسكبُ ضحكاته كي يتغلب على الحزن الكئيب ذاك من يرتسم أعلى جبينه كقوس قُزح . الحزن من إذا تركنا له فرصة سيجتاحنا دفعة واحدة، سيسحقنا دون اكتراث للبراءة المطبوعة في ملامحنا، سيتحول إلى عرمٍ آخراً وسيذهب بنا نحو الضياع يا حبيبة .

ياه على الذكرى المعجونة بالدموع، المُبللة بعطرِ الراحلين . إليكِ، أنا هُنا وأنتِ يا حبيبة هُناك، هُنا أشهق إليكِ حُباً من بعيد دون علمكِ، أودُ العبور نحوكِ مسرعاً كالخيول، أحملُ إليكِ الهدايا والحُب، الحُب الذي اُكرمتَ به منذُ قدومكِ نحوي، والحُب عمره ثلاث سنوات، مثل هذا اليوم أتيتُ إليكِ ،هطلتُ في داركِ، زفيتُكِ شريكة أبدية إليَّ على صوت الاُغنيات، اُغنيات أيوب وكثير من الدبكات، وصلتِ إليَّ فخُلقتُ من جديد ، وما أنا قديماً،  قبل أن أراكِ مُجرد وهم وحُفنات ناعمة تتطاير عند هبوب العاصفة . إنني ومنذُ عدة أشهر أنتظر هذا اليوم المُعتق برائحة البخور الفواحة من المجامر، كي أحتفلُ بكِ احتفالاً يليق بامرأة مثلكِ،  امرأة خُلقت من ضحكات الحوريات لا من طين، أنتظر ذكرى زواجنا الثالث بِكلِ شغف ، كي أقدمُ لكِ كثيراً من الهدايا المُغلفة بِلونِ قلبي يا بنت قلبي، لكن شاءت الأقدار أن تكون هذه الذكرى مليئة بالعزاءات، نتيجة رحيل صديق والدي، صديقي والدي من كان أول شخصاً  يطبع قُبلاته في جبيني صباحية فرحتي بكِ.

سأحتفلُ بكِ لاحقاً فالقريةِ التي احتضنت زفافنا هاهي حزينة ، لاحقاً عندما تجف الدموع يا حبيبة. 

اُحبُكِ. 







Share To: