ذهب الحمار وذهبت معه ايام الخير والسعادة وراحة القلب.
ايام القرية وتفاصيلها الصغيرة تعيش في أعماق بشير،لا يمكن ان تمحوها الايام والليالي،او الفصول المتعاقبة وهنية تصارع الكون بطيبتها ونضالها اليومي من اجل سعادة العائلة.
أي طريق سيسلكه بشير وقد خسر جميع حروبه ضد الكأبة واليأس والاحباط؟!
اخذه الحنين الى ابنته زبيدة،ولكن كيف سيعود إليها وهو الذي تركها في القرية مع امها المسكينة عندما اعتقد ان الحياة بدأت مع العثور على الكنز ؟
اختفت السماء وعمت السحب ارجاء الكون بسرعة عجيبة.تتهاطل الامطار الآن وبشير بعيد عن المدينة وقريته،وقلب يسرى منتظم في دقاته.تشعر بالراحة والسعادة المطلقة لأن بشير تأخر.قد يكون وقع تحت عجلات قطار أو حافلة أو سيارة مارة من الطريق العامة.هذا ما تريده يسرى حتى تتخلص نهائيا من صاحب الجواهر الذهبية !
القرية غمرتها المياه من كل مكان وجميع سكانها يشعرون بالسعادة فالمطر لا يأتي ألا بالخير.بشير الآن لم يجد ما يحميه من البرد والماء الذي غطى الأرض،الا شجرة زيتون،صعد بين اغصانها الى الاعلى حتى يحمي نفسه من الانجراف العجيب الحاصل في الأرض.لم تتوقف الامطار وبشير الذي يشعر باقتراب الموت،ليس له من أمنية،غير أن يمنحه الله عمرا جديدا ولو لايام حتى يتمكن من لقاء ابنته زبيدة وزوجته هنية وان يشتم رائحة تراب القرية.
ص:33-34
ط:1






Share To: