شعريات عربية 

            عرفت الشاعر الطيب لسلوس، الانسان الذي ينحت الشعر كما اراه يتظلل بأفق الحياة اجمل ، وكما يجب، الشاعر،  من جيل الثمانينيات من القرن الماضي، قلت عرفته بالمكتبة الوطنية ذلك الانسان الجاد الى درجة ان المكتبة العمومية بالحامة / الجزائر العاصمة،  أصبحت تعرّف به" بضم التاء " ،،، بعد سنوات هو في المكتبة العمومية ولاشى تغير يكتب يناضل مثل مناضل ماركسي قديم ويتأمل كالمتعبد في كتب ووجوه الوافدين ، كم فرحت لما التقيت به ،  لأني اعرف حبه الشديد للشعر والانسان والتغيّر والكتابة وامله كان كبيرا مثل الشاعر الثائر .... هل كل شيء تغير. 

     لم اتذكره الكثير عنه وما يقول لكن أعرف هذا الرجل مثل شجرة تورف يوميا وتكدس اوراقها ظلا للأخرين وبعد كل هذي السنوات تخيلوا معي ماذا بقي من ركام أحلامه؟  هذا الشاعر دوما يسكنني مثله مثل الكثير من جيل الثمانينات الذي كانوا يحلمون على كف واحد وعلى ارض واحد بعد كل هذي السنوات ومفارقاتها أحاول ان اقترب منه قد افلح وقد افشل في ملامسة ملامح كياناته ..       وكأني ابتعدت اعرف انه كان يحلم بنص أجمل ولكنه لا يحمل دلالات الفترة لأنه دوما يكتب الاخر يكتب للأمل يكتب الحفر وما لا يؤمن به أحد، شاعرنا الطيب. كان يتلصص علينا كلنا مثل عامل منجم يدرك معوله، يضعه في قلب الصخرة تماما، هكذا كان يكتب.  ويقول في حوار مع المبدع خير شوار *

       " كنت أبحث على نافذة السذاجة، فالعالم معقد والانسان يعيش مساءه بحماقات يسميها مجده الحداثي. لم أستطع ان أفهم الكثير من الأشياء سيما ما مرت به الجزائر..." 

  الشاعر بعد العديد من المشاركات في فعاليات كبرى ...وكم تهيئت لها الجزائر لتكون قطبا حضاريا ... سقطت أحلامه على ثورة اومضت في لحظتها واختفت، التقيته مرة ثانية الطيب في عرينه في نصه في قممه المكتبة العمومية التي احتضنت العديد من الملتقيات وهو يتذكر مثل ناسك يقرأ النص كما يراه، تغيرت الجزائر .... الجزائر الجديدة الان وهو يكتب عن جزائر يحلم بها أجمل وأطهر.

       الشاعر ابن الحضارة اعرف لكن شاعرنا يريد ان يحفر رصيفه ويقتفي ظلالها ..يقول . 

  

 " القطيعة تحدث كل يوم ولست أنا أو غيري من يقرها إنها إرادة قوى التاريخ في كثافة اليومي والمتحول ولست أدري لما يشعر البعض بالقشعريرة حين نتكلم عن القطيعة مع أنهم هم أنفسهم بإمكانهم أن يحدثوها، والقطيعة لا تعني عدم التواصل مع أشخاص بعينهم أو فترة بعينها، إنما تعني أن هناك مجموعة من المعارف حول تجربة معينة أو فهم معين أصبحت محاطة بملابسات أو غير منطقية أو متجاوزة فمنذ متى صارت الفكرة تعني إنسان بعينه. كما أن القطيعة ليست فعل عشوائي بل هي فعل فلسفي ومعرفي يتيح للوعي نقد نتائج التجربة " 

وسأظل أحلم   هكذا صرح ..

  "    أحلم أن تطلع شمس صباح ما -مهما كان بعيدا فلن يكون أقوى من صبري على انتظاري له -صباح يصدر فيه "مواطنا بيانا" يبدي فيه مخاوفه عن "أمنه الثقافي الوطني"، وأحلم أن وزير الثقافة يعلن في ذلك الصباح عن طلب لقاء موسع بجيش من المستشارين في كل اختصاصات العلوم الإنسانية، مستدعيا المواطن أمام الجميع أو ربما في البرلمان لتبديد تلك المخاوف، جاعلا من طمأنة مواطنه الخائف مسألة وطنية بحجم يوم استقلال، استقلال مواطن من الطمأنينة المشبوهة والبحث عن أمن غير مطعون في الظهر..." 

    

في طَانِيسْ*

كَلاَمُ الجَنّةِ مَهْدورٌ حتّى الحَيَوانِ وتُفَاحُها كَي لا يَشْرُدَ قَلْبٌ إلى عَقْل،

وَخْيطُ النّورِ جَنُوبِيٌّ،

وَخَيْطُ النّور أُمٌّ تَجْلِس سَوْداءَ فِي قَلْبِ الحَلِيب وَلَبؤة تَفْتِلُ أَشْبَالَها لِلصَيْد


نَعْرِف أنّا أَبْنَاء الشتاء الماضي

ورِحلَتَهَا إلى الساحل...

قَطَعْنَا الدَمَ والحَلِيبَ وَلَمْ نَلْتَفِتْ،

من بَرَارِي المُورِ إلى آخر اللُوتَسِ في الأرض الصفراء

هَهْ.... الذكور هنا يَشْرَحُون كَعَادَتِهم مَشَقَّةَ البداية المُقْنِعِ بالمُكُوثِ في تَعْمِيمِ الكارثة على السواد حتّى تَقَعَ طفيفا طفيفا ،   

حين بَنَوا جدارا لأبٍ طَعَنَ الوَقْتَ فَظَلَّ مَرْفُوعًا على عَمَدِ الخِيَامْ

قَرِّبِ النَّارَ

رمْزا لقوس خِصْرِهَا

هل رأيْتَ إِذ ازْرَقَّ الظِّلُّ مُنْحَصِرَ النِيلِّيِّ في الضفّة، كل النحّاتين ظنّوه ظلاما

لكنه المكْرُ الأوّل في خِزَانة الأب وسَيْفُهُ يَعْصُرُ الحمّى على القديسة وبناتها

لم يكن اللُوتَس يُسافر

ولا النّون مُشْتَعلةً حتّى النُقْطَة في جبين بُوذِيّْ

وكُنّا نَعُدُّ الوجودَ على الأصابع


وأنْتَ

أنت العِرْبِيدْ

قلْبُك خَمَّارةٌ تَمِيدُ، وَرَأْسُكَ حَقَلٌ يَنْتَظِرُ الطُيُورْ، وَأَسْبَابُ الخريف،

والجنِّيُّ الأزرَق أَنْتَ... في قَلْبِكَ ذُبَابَة خَلّ،

                                     // النص منقول 

           **   الشاعر الطيب لسلوس من اهم شعراء الجزائريين له تجربة متميزة في كتابة الشعر والنص النقدي له العديد من المؤلفات منها " الملائكة أسفل النهر " اسهم في الكثير من الفاعليات الثقافية بالجزائر وكان محركها له طاقة مذهلة في تحريك الفعل الثقافي كان له حضورا متميزا في بداية التسعينات حضوره في المكتبة الوطنية موظفا ، أضاف الكثير لها وكل من له علاقة بالمشهد الثقافي ... لكنه الى هذه اللحظة ظل اسير لحظة الكتاب والمكتبة وفي الجزائر لا تعمل ابدا الوهمي الذي نراه الان يتباهون به وهم لا يدركون حتى معنى القراءة .. – نقرأ ..لنرتقي .. 

        أتمنى لهذا الشاعر المتميز ان نجده في مكانة تليق به وما يراه مناسبا كما يجب.     

       







Share To: