ماذا يفعل من لم يستطع الحج والعمرة ؟

 أو أدّاهما ويريد مزيداً من الثواب ؟

هذه بعض الأعمال التي تقوم مقام الحج والعمرة لمن عجز عنهما وفضل الله واسع :

١- عقد النية على أداء الحج والعمرة :

فالله سبحانه ينظر إلي توجّه القلوب قبل توجه الأجساد ، وفي ميزان الشرع " نِية المَرء خير من عمله " .

ومن كرم الله ورحمته بعباده ، أنه إذا رأى توجه قلب عبده إليه بعمل الخير ،كافأه بالمثوبة والأجر حتى وإن عجز عنه .

قال رسول الله ﷺ وهو عائد من غزوة تبوك " إن بالمدينة أقواماً خَلفنا ما سلكنا شِعباً ولا وادياً إلا وهم معنا فيه بالنية حبسهم العذر" .

متفق عليه .

وقال ﷺ " :

من سأل اللهَ الشهادةَ بصدق بلّغه الله منازلَ الشهداء وإن مات على فراشه ".

رواه مسلم 

فعلى المسلم أن ينوي فعل الخير وسوف يرزقه الله من حيث لا يدري ولا يحتسب ، وإن لم يخرج للحج أو العمرة فلن يُحرَم من الثواب بشرط صدق النية.

٢- الذكر من الفجر حتي طلوع الشمس وصلاة الضحي :

 يقول النبي ﷺ:

 "من صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مُصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له مثل أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" .

رواه الترمذي .

وللمرأة أن تفعل ذلك في بيتها 

🌴فضيلة هذا الوقت : 

ثبت لهذا الوقت من الفضيلة والخصوصية ما يُرغب في عمارته بالطاعة :
فقد أقسم الله به في قوله تعالي : 

(والصبح إذا تنفس) 

وأرشد العباد إلي التسبيح فيه بقوله :

 (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون )

وقوله تعالي

 (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب )

وهو وقت نزول البركة وتقسيم الأرزاق، وقد دعا النبي ﷺ لأمته بقوله :

"اللهم بارك لأمتي في بكورها .

 { أصحاب السنن وحسنه الترمذي}

وكان السلف الصالح يحرصون على هذا الوقت لأنه أول النهار ومفتاحه، ووقت تقسيم الأرزاق وحلول البركة.

 وكان ابن تيمية إذا صلى الفجر جلس يذكر الله تعالى حتى طلوع الشمس ويقول "هذه غدوتي ولو لم أتغدّ هذا الغداء سقطت قوتي"

٣- الحفاظ على الصلاة في المسجد :

قال رسول الله ﷺ:

 "من تطهر في بيته ثم خرج إلى المسجد لأداء صلاة مكتوبة فأجره مثل أجر الحاج المُحرِم، ومن خرج لصلاة الضحى كان له مثلُ أجر المعتمر، وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عِليين" .

حديث حسن رواه أحمد وأبو داود

٤- إحياء العشر الأوائل من ذي الحجة : 

ثبت لهذه الأيام من الفضائل ما يجعلها أفضل العام ، ويدعو المسلم لاغتنامها فهي الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكره 

( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) 

كما أقسم الله تعالى بها – عموماً وببعضها خصوصاً (والفجر وليالٍ عشر) أي ليالي العشر من ذي الحجة وهذا يدل على فضل لياليها أيضاً ، وهى خاتمة الأشهر المعلومات ( الحج أشهر معلومات ).

ويقول النبي ﷺ :

"ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر-قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ 
قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء".

 رواه البخاري .

فقد فضل العمل فيها على الجهاد الذي هو مُقدَّم على الحج .

 ومن مستحبات هذه العشر" الذكر، والصدقة، والدعاء، وقراءة القرآن وقيام الليل ، والصوم خاصة يوم عرفة لقوله ﷺ :

"صوم يوم عرفة يكفر سنتين : ماضية ومستقبلة.

رواه مسلم

٥- طلب الدعاء من الحجاج:

قال ابن رجب رحمة الله : 

ينبغي للمنقطعين ( أي عن الحج ) طلب الدعاء من الواصلين لتحصل المشاركة .

وقد روُى عن الفاروق عمر رضي الله عنه أنه استأذن النبي ﷺ في العمرة فأذن له وقال : 

" لا تنسنا ياأخى من دعائك " .

فقال عمر : ما أحب أن لي بها ما طلعت عليه الشمس لقوله : يا أخى.

كما قال ﷺ "اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج " .

الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم

٦- المشي في قضاء حوائج المسلمين:

عن أنس رضي الله عنه قال كنا مع النبي ﷺ في سفر فمنا الصائم، ومنا المفطر، قال فنزلنا منزلا في يوم حار وأكثرنا ظلا الذي يستظل بكِساءه ومنا من يتقي الشمس بيده، فأما الذين صاموا فلم يصنعوا شيئا وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا ( اي قاموا بالخدمة ) فقال النبي ﷺ ذهب المُفطرون اليوم بالأجر" .

رواه البخاري ومسلم

وأدرك الصحابة تلك الحقيقة فقال ابن عباس رضي الله عنهما :

" لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهرا أو جمعة أحبُّ إلىَّ من حجة بعد حجة (صفة الصفوة).

 وأولى الناس بالبر والتقوى وقضاء حوائجهم هم الوالدان والأقربون فقد وصى رسول الله ﷺ رجلا ببر أمه وقال له :

 أنت حاج ومعتمر ومجاهد" يعني إذا برّها.

 الطبراني والبيهقي-ضعيف

والشعور بعموم المسلمين – السابقين والمعاصرين واللاحقين – سمة بارزة في المجتمع المسلم الذي وصف بأنه " كالجسد الواحد " ، والعبادات المتعدية – أي التي يتعدى نفعها للغير – غالباً ما ترجح وتفوق العبادات التي يعود نفعها على صاحبها فقط

٧- التسبيح والتحميد والتكبير عقب كل صلاة مفروضة :

عن أبي هريرة رضى الله عنه قال :

" جاء الفقراء الى النبي ﷺ فقالوا" يارسول الله ذهب أهل الدثور (أي الأموال الكثيرة) بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون فقال رسول الله ﷺ ألا أحدثكم بأمر إن أخذتكم به لحقتم مَن سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلا من عمل مثله؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين" .

متفق عليه .

٨- حضور صلاة الجمعة والتبكير إليها :
قال سعيد بن المسيب : 

"شهود الجمعة أحب إلىّ من حجة نافة " .

وقال ابن رجب :

 شهود الجمعة يعدل ( أي يساوي )حجة تطوع .

 وقال في موضع آخر : 

وفى شهود الجمعة شبه من الحج ، ورُوى أنها حج المساكين ، والتبكير إليها يقوم مقام الهَدي ( أي الذبائح التي تقرب لله في الحج ) فأولهم كالمُهدي بدنة ( أي يتقرب إلى الله بجمل أوناقة )  ثم بقرة ثم كبشاً ثم دجاجة ثم بيضة 

٩- الجهاد في سبيل الله :

روي مسلم وأبو داود عن النعمان بن بشير قال : 

كنت عند منبر النبي ﷺ (في نفر من أصحابه ، فقال رجل :
 لا أبالى أن لا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقى الحاج  وقال آخر : لا أبالى أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمُر المسجد الحرام ، وقال آخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم ، فزجرهم عمر وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله ، وهو يوم جمعة ، ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيه فينا اختلفتم فيه ، فأنزل الله عز وجل (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ) 

ومن الجهاد جهاد النفس في الطاعة وجهاد الدعوة ونشر الفضائل ومقاومة الفساد والرذائل ، والإنفاق في سبيل الله وموالاة الله ورسوله والمؤمنين ومعاداة من يعاديهم 

١٠ - الحزن والتأسف على فوات الخير :

فالمسلم إذا فاته خير عاجل عن إدراكه – كالحج مثلاً – وحزن وتأسف على فواته -  والله يعلم صدق مشاعره – فإنه سبحانه بفضله وكرمه يعطيه ثواب ما فاته .  

نسأل الله عز وجل أن يكتب لنا ولكم الحج والعمرة ، وألا يحرمنا من واسع فضله .
اللهم آمين يارب العالمين .






Share To: