قاس قوّة الشّعوب الحضاريّة بمدى قدرتها على إنتاج القصص و الرّوايات و اليوم كان لي عظيم الشّرف أن أقابل كاتبا و روائيّا تونسيّا عظيما: الروائي الأمين السعيدي. أنا مطمئن اليوم إلى أنّ هذه البلاد لن تسقط أبدا ما دامت قادرة إلى اليوم على إنتاج كتّاب من طينة هذا الرّجل العبقريّ. الرّوائي هو من يصنع المكان و الزّمان و الأحداث أي أنّه يهَب الوجود للعدم. الرّوائي هو من يحوّل بخياله الحدث اليوميّ البخس النكرة إلى تاريخ معلوم معروف مقروء و ذا قيمة. الرّواية هي وقوف داخل الزّمن الطاحن السّريع و هي تمهّل و تفكّر و تدبّر أي أنّها إنتاج للمعنى و القيمة في زمن اللاّمعنى و اللاّقيمة. و لذلك يعشق الصّغار و الكبار قراءة الرّوايات. الرّواية تزيد وجودنا عمقا و تزيد ذواتنا قدرة. روايته ضجيج العميان أحداثها واقعة  في شوارع العاصمة تونس و أنهجها حيث أسكن. بعد قراءة الرّواية أصبحت أعشق حتّى الجدران التّي أمّر أمامها لأنّي أشعر أنّها تنبض بالحياة و أنّها تعيد على مسامعي ما سمعته من قصص النّاس الذّين مرّوا بقربها... أليس للجدران آذان... و كم يبدع هذا الكاتب في وصف حياة الرّيف في روايته ظلّ الشّوك... وصفا أصيلا لم يسبقه إليه أحد من الكتّاب... تفهم ممّا يكتبه أنّ الرّواية في تونس تتطوّر و لا تعيد نفسها... ذلك يعني أنّ هذه البلاد تجدّد دماءها و أنّها  تعجّ بالحبّ و الحياة و المعنى..
 الأمين السعيدي يثور على النظام القديم للرواية العربية 
فينتج نصوصا في مستوى اللحظة،تلامس واقع الانسان وتطرح المسكوت عنه،بأسلوب جديد ولغة سلسة وكثافة الرمز والاحاءات...
 الروائي التونسي الشاب الأمين السعيدي،يفتح قضية التجديد في الأدب العربي بقمق لم يسبقه إليه أحد.







Share To: