أيها القارئ الكريم حدَّثْتُك فى الجمعة الماضية عن القدوة الحسنة فى الحكمة من تعدد زواج النبى صلى الله عليه وسلم  وزواجه من أُمِّ المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما واليوم بإذن الله تعالى أحدِّثُك عن زواجه من أُمِّ المؤمنين حفصة بنتِ عمر بن الخطاب مستلهما من الله الحكمة والصواب سائلا المولى عز وجل أن يلهمنى الحكمة وفصل الخطاب
مستدلا بما نزل علي الرسول الكريم  فى الكتاب (لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ لِّمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلۡیَوۡمَ ٱلۡـَٔاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا) الأحزاب ٢١ 
زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما
زوجه إياها أبوها عمربن الخطاب رضى الله عنه وأمهرها النبى صلى الله عليه وسلم أربعمائةَ درهمٍ وكانت قبله تحت خُمَيْس بن حذيفة السَّهمى
روى البيهقى بسنده عن ابن عمر يحدِّثُ أنَّ عمرَ بن الخطاب رضى الله عنه حين تأيَّمت حفصة بنتُ عمر من خُمَيْس بن حذيفة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتُوُفِّىَ بالمدينة فقال عمر  :أتيتُ عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة بنتَ عمر فقلت إن شئتَ أنكحْتُكَ حفصة فقال سأنظر في أمرى فلبِثْتُ ليالىَ ثمَّ لقيتُه فقال قد بدا لى أن لَّا أتزوَّجَ يومى هذا ٠قال عمر فلقيت أبابكرالصدِّيق فقلت له إِنْ شئتَ زوَّجْتُك حفصة بنت عمر فَصَمَتَ أبوبكر فلم يرجع إِلىَّ شيئًا فكنتُ عليه أَوْجَدَ منِّى على عثمان فلبِثْتُ ليالى ثمَّ خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأَنْكَحْتُها إياه فلقينى أبوبكر فقال لعلَّك وجدتَ علىَّ حين عرضتَ علىَّ حفصة فلم أرجع إليك شيئاً قال عمر قلت نعم ٠قال فإنَّه لم يَمْنَعْنِي أنْ أرجعَ إليك فيما عرضتَ على إلا أنى كنتُ قد علمْتُ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأُفْشِىَ سرَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبِلْتُها رواه البخاري
وكان زواج النَّبى صلى الله عليه وسلم منها سنة  ثلاثٍ من الهجرة
وطلَّقَها تطليقةً واحدةً ثم راجععها وقد نزل عليه الوحى وقال له راجع حفصة فإنها صوَّامة قوَّامة وإنها زوجتُك فى الجنَّة
وكانت وفاتُها فى شعبان سنة ٤٥ هجرية فى خلافة معاوية
القدوة الحسنة فى زواجه صلى الله عليه وسلم من أمِّ المؤمنين حفصة بنت عمر رضى الله عنهما
١/إن الذى زوَّجَ أُمَّنَا حفصة رضى الله عنها أبوها عمربن الخطاب ليتعلم المسلمون أن ولىَّ الأمر هو الذى يباشر الزواج وأن المرأة لا تزوج نفسَهَا حتى وإن كانت ثيِّبًا  إلا لضرورة يقدرها الشرع ولا تقدِّرُها النساء وذلك حفاظًا على كرامتها وضمانًا لحقوقِها
٢/ المهر الذى أمهره النبى صلى الله عليه وسلم لأمِّ المؤمنين حفصة رضى الله عنها من الأهمِّية بمكانٍ ولو كان الزوجُ هو أشرف الأنبياء والمرسلين وأنَّ المهر حقٌّ وإن كان يسيرًا ليتعلمَ الرجال والنساء أنَّ الأعراضَ غاليةٌ وأنِّ مكانتَها عالية
٣/عرضُ بنتِك أو من تعول على الرجل الصالح أمر لايقلل من القدر لا للبنت ولاللمرأة ولا لولى أمرها يتمثل ذلك فى عرض سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى عرض ابنته على سيدنا عثمان وسيدنا الصديق رضى الله عنهما 
٤/كتمان السر أمرٌ لازمٌ خاصةً فيما يتعلق بالأعراض ويتمثل ذلك فى كتمان الصديق سرَّه عن سيدنا عمر ولم يخبره بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لأُمِّنا حفصة رضى الله عنها 
٥/جواز الطلاق فى حق الزوجات إنْ دعتِ الضرورة لذلك
٦/طلاقُهُ صلى الله عليه وسلم لأُمِّنا حفصة ومراجعتها كان تشريعًا لجواز الطلاق مع بُغْضِه عند الله وجواز المراجعة بعد الطلاق بحدود وقانون شرع الله عزَّ وجلَّ
٧/طلاق النبى صلى الله عليه وسلم لأُمِّ المؤمنين حفصة كان طلقةً واحدة ولم يكن ثلاثًا ليتعلمَ الناسُ إعطاء الفرصة للرجل والمرأة للمراجعة
وأهيب بمن يُطْلِقُ لسانَه فى الحلف بالطلاق أنْ يتقِ الله فى أهله وولده وزوجه وبناته
والحكمة من زواجه صلى اللّه عليه وسلم منها تشريفٌ لعُمرَرضى الله عنه وتسويةٌ له بأبى بكر وتوطيدٌ وتوكيدٌ للعلاقة مع والدها عمربن الخطاب أما توطيدُ وتشريفُ علاقته صلى الله عليه وسلم بسيدنا عثمان وعلى فقد زوجهما بناته صلى الله عليه وسلم
نفعنى الله وإياكم بما علمنا من الدين وجعله حجة لنا لا علينا يوم أن نلقى الله رب العالمين
وإن كان فى الأجل بقية  نعيش الأسبوع القادم مع واحدة من أمهات المؤمنين لنتعلم من بيوت النبى صلى الله عليه وسلم أصول الدين. 






Share To: