أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن القدوة الحسنة من زواج النبى صلى الله عليه وسلم من أُمِّ المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث
واليوم بإذن الله تعالى أحدثك عن زواج النبى صلى الله عليه وسلم من أُمِّ المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة رضى الله عنها
مستلهمًا من الله الصواب راجيًا منه العفو ورفع العقاب عما بَدَرَ منِّى من تقصير يوجب العقاب مستدلًا بما جاء فى سورة الأحزاب﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ لِّمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلۡیَوۡمَ ٱلۡـَٔاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا ٢١ الأحزاب
أُمِّ المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة رضى الله عنها
أبوها خزيمة بن الحارث بن عبدالله بن عمرو بن عبد مناف
أُمُّها هندبنت عوف بن زهير بن حماطة وهندبنت عوف أُمُّ كلٍّ من
أُمِّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسماء بنت عميس زوج أبى بكر الصديق وجعفر وعلى ابنى أبى طالب وسلمى بنت عميس زوج حمزة بن عبدالمطلب وكثير من خِيرة الصحابة ومنهم أُمّّ المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة
زواجها من الرسول صلى الله عليه وسلم
زوجه إياها قبيصة بن عمرو الهلالى وأصدقها الرسول صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم وكانت قبله عند أبى عبيدة بن الحارث شهيد أُحُدٍ وكانت قبله لدى جهم بن عمرو بن الحارث وهو ابن عم لها وقيل كانت تحت عبدالله بن جحش وأيًّا كان مَنْ كانت تحته قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء أبوعبيدة بن الحارث أو عبدالله بن جحش فهما من خِيرة الرجال وقد جادوا لله بالنفس والمال فصدق فيهم الاختصاص حيث قال الله
(مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا). الأحزاب
ويذكر التاريخ أنَّ قصة استشهاد زوجها أبى عبيدة بن الحارث لمَّا بدأت المعركة وتقابل الفريقان وجهًا لوجه خرج من المشركين ثلاثة (الوليد بن عتبة وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة)وخرج لهم ثلاثة من الأنصار قال المشركون من أنتم قالوا نحن من الأنصار قالوا نريد أكفاءَ لنا فقال النبى صلى الله عليه وسلم اخْرُجْ لهم ياحمزة واخْرُجْ لهم يا على واخْرُجْ لهم يا أبا عبيدة ففاز حمزة وعلى بالنصر والإجهاز على الأعداء وفاز أبو عبيدة بالشهادة فى سبيل الله وفاضت روحه متأثرا بجراحه وهو فى حِجْر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول يا رسول الله أنا راضٍ عن الله فهل رضى الله عنى وفيه وفى أمثاله نزل قول الله تعالى (جَزَاۤؤُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰاۖ رَّضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُۚ ذَ ٰلِكَ لِمَنۡ خَشِیَ ربه)البينة٨
وقيل لمَّا خطبها النبى صلى الله عليه وسلم جعلت أمرها إليه على اعتبار الولاية العامة للمسلمين فتزوجها صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك ابن حجر العسقلاني فى كتابه الإصابة فى تمييز الصحابة
من مناقب أُمِّ المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة رضى الله عنها١/كانت تتصف بالرحمة والعطف قبل الإسلام وبعده وقد لُقِّبَتْ بأُمِّ المساكين ذكره ابن العماد الحنبلى فى كتابه شذرات الذهب حظيت بهذا اللقب قبل الإسلام وذلك عن إنسانيتها الفائقة وتَزيَّن اللقب بها بعد الإسلام عن عقيدتها اللائقة بأُمِّ المؤمنين بطباعها الرائقة
٢/كانت من أجود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكن جميعا أهلَ كرم وجود وماكان الله ليختار لرسوله صلى الله عليه وسلم من تتنافى أخلاقها وصفاتها من أُمَّهات المؤمنين بما يصطدم مع تعاليم الدين
٣/كانت رضى الله عنها مثالًا للمرأة المؤمنة التى لم تشغل نفسها بالقيل والقال وكانت كثيرةَ السؤال عن اليتامى والمساكين وما أَلمَّ بهم من أحوال.
من جوانب القدوة الحسنة من زواج النبى صلى الله عليه وسلم من أُمِّ المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة
١/الولاية العامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جعلت السيدة زينب بنت خزيمة أمرها إليه صلى عليه وسلم وفيه دعوة إلى احترام مشاعر المودة والمحبة والتسامح ولقد فطن إلى هذا الأمر المحترمون من الناس عند النسب فتراهم يقولون لبعضهم البعض (البنت بنتى والولد ابنى)
٢/عدم استغلالية الاحترام فمع أنها أوكَلت أمرها إليه صلى الله عليه وسلم إلا أنه أمهرها أربعمائة درهم كأى واحدة من أزواجه صلى الله عليه وسلم
٣/العناية والرعاية لأسر وأرامل الشهداء والزواج بزوجاتهم لمن كانت له القدرة على ذلك حماية لهن وأسرهن من الضياع
٤/عدم الخوف على العِرْضِ والولد بعد الموت وخاصة المصلحين والأتقياء والشهداء فأعراضهم وأولادهم فى معية الله والدليل أن زوج السيدة زينب بنت خزيمة قبل رسول الله جاد بروحه فى سبيل الله فاختار الله مربيا ومعينا لزوجته وأولاده وهو خير خلق الله صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه
وفاتُها رضى الله عنها
لم تلبث أُمُّ المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شهران أو ثلاثةُ وقيل ثمانيةُ أشهر على اختلاف فى الروايات
وكانت رضى الله عنها ثانى زوجاته رحيلاً بعد أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها وتوفت سنة أربع هجرية ودفنت بالبقيع رضى الله عنها وأرضاها
الحكمة من زواجه صلى الله عليه وسلم منها
تكريمٌ للخُلُقِ العظيم الذى كانت تتصف به من شفقتها على المساكين وتكريمٌ للشهادة فى شخص زوجها الذى استشهد فى سبيل الله عز وجل وإن كان فى الأجل بقية فالحديث موصول مع القدوة الحسنة من بيت سيدنا الرسول وإن كانت الأخرى فالأعمال بالنيات والأجر من الله مرجوٌ ومأمول .
Post A Comment: