من الشخصيات الوطنية التي أكن لها احتراما  في تاريخنا الحديث. ليس فقط لأنه المثقف الهامشي التي لم تتسع له السلطة أو تحضنه بل جرمته لأنه يملك يخلخل وجودها، فأصبح يعمل خارجها أكثر راديكالية وأكثر حرية بعد أن تمثل أحلام وآمال طبقته وهي غالبية شعب مصر إلا قلة قليلة تتمثل كبار التجار وملاك الأراضي .. لم ثقافته ووعيه يمثل متعة عقلية أو ترفا ذهنياً ،بل كان سلاحه الذي ناؤئ به السلطة في المطالبة بحياة تتمتع بالحد الأدنى من العدالة . كان المجتمع حينها لا تتمتع أفراده  بأي بمساواة في توزيع الثروة أو الوظائف أو المشاركة في الرأي لمستقبل البلاد نقصد طبعاً أفراد الشعب المصري صاحب الأرض والحق في تقرير المصير.
... انطلق عبدالله النديم في مشروعه الثقافي"ويعني المشروع نظاما في الفكر يستهدف :تغيير البنية الثقافية للمجتمع في اتجاه رؤية جديدة شاملة" بعد أن تمثل كل ما تموج به ثقافة المجتمع ووضع يده على مواطن الخلل وسبب العلة والداء في تخلفه:وهي الطبقية التي اطبقت عليه من خارج الوطن وليست نبت طبيعي من أرض مصر وروح شعبها متمثلة في: الطبقة الحاكمة من الأسرة العلوية ثم الأتراك والشراكسة:يهب لهم الجالس على العرش ما يشاء من الأرض الزراعية والوظائف الكبرى لتكون بأيديهم أمور البلاد.اما الشعب فهو: يعيش حياة أقرب للسخرة يزرع الأرض التي لا يملكها فقد أخذها من لا يستحق هبة ممن لا يملكها... بعيش فيها الفلاح حياة أشبه بحياة العبيد ..يترك له سيده منها لقيمات يقمن بها صلبه حتى يظل على قيد الحياة للغد...... الحياة التي هي بديل الموت يبقي عليه  ليظل يخدمه فقد امتلك الأرض ومن عليها هذه القراءة الصحيحة للواقع... بلغت الأمور من السوء بعد تدخل  إنجلترا وفرنسا  في الشؤون الداخلية لمصر حتي بدت مصر ساحة تصفية حسابات دولية وإقليمية ليس الشعب المصري طرفاً فيها.؟!

شاهد عبد الله النديم قلة غير مصرية تتمتع بحكم مصر وخيراتها تفعل ما تشاء دون اعتبار من الحد الأدنى لصاحب الأرض...  يتساءل في نفسه كيف لشعب من أعرق شعوب الأرض أن يكون هذا مصيره من الخنوع والرضا بالذل والهوان . أخذ كل ذاك في تكثيف نشاطه المنحصر في كل ما يملكه المثقف وهو الوعي والمشروع الحلم لأمته صاحبة الأرض والذي يستحق شعبها تقرير مصيره... فينضم لثورة عرابي أول ضابط مصري بعد أن أصبح هناك أمل بعد دخول أولاد العمد والتجار المصريين الجيش وبداية تمصير المؤسسة العسكرية ... أقترب أن يتحقق شيء من مشروعه الحلم بأن تنتزع طبقته مكانة لو يسيرة وهذا الجزء اليسير من السلطة التي عبرت عنه بقوة ثورة عرابي تمخض عن كم في داخل النفوس ليتحول لكيف على الأرض تعبيرا مباشراً عن روح ورغبة وطنية عملت في غفلة أو بعلم السلطة ولكنها لم تعيرها اهتماماً.
 كانت السلطة تصفهم بالفلاحين استخفافا بهم منذ دخول سيلم الأول  فلا يأخذ برأيهم ولا تتذكرهم السلطة إلا عند السخرة  أصبح  النديم بعد أن امتلك قدر كبير من الوعي أرق عقله فأخذ يبحث عن الحق والعدل المفقود فى منطق الدنيا المقلوب الذي يرزح الشعب تحته ليل نهار فوعيه  تحول للعنة وسخط على من يسلطون سيف الاستعباد على كل من لا ينتمى لطبقتهم التي تستحوذ على السلطة والجاه والشرف وحق التصرف فى شئون العباد وتنصف نفسها بالسيادة وغيرها بالخدم والعبيد...أخذ يبث الوعى وينشر وعيه داخل الرؤوس فهو لا يملك سلاح غيره الوعى سلاح فتاك فهو مقدمة الثورة فى غالبية دول أوروبا والتي خرجت به من عصورها الوسطى فظل يعارض ويضج مضاجع السلطة ويلهب ويستثير ويستنفر مكامن العزة والكرامة فى نفوس شعبه  ليحصل علي حقوق  والذي هو خارج حسابات السلطة كما ذكرنا. والذى دخل الآن المعادلة بعد أن أمتلك الوعى....

لم تثنيه مطاردة السلطة له عن القيام بدور المثقف الهامشي الذي تطارده السلطة فتتسع له الدولة   صاحب المشروع  كما شعر هوا بذلك ،وأيقن هو ومن يمثلهم ..... فحول أفكاره لعمل ثوري ؟وحول ثورته لفكر في عقول ،ونفوس شعبه فكان يعيش فكره علي الأرض.... فلسف حياته وعاش فلسفته ملتحم ، ومحتمي بشريحته الاجتماعية المهمشة  التي رأت فيه موقظ ،وملهم إنه نموذج المثقف الثوري الشامل إنه صرخة ضمير جمعي ، فهوا الذي بث في تلك الشريحة  الوعي لانتزاع مكانة لها داخل  السلطة والتي كانت تعتبرهم فلاحين ليس لهم حق ولا رأي ولا مشاركه في حكم...فكانت كلما همشت السلطة النديم هو ،ومن يمثله كما كان يمثل الشاعر القبيلة في عرب الجاهلية وعندما  يشعر أنه ليس له  حق في أبنية السلطة  الفوقية  أو المجتمع  كان ينشط أكثر خارجها ،بعد احتضان الفئة المهمشة له بعد أن أصبح صوتها وباعث الوعي فيها  أسبغت  عيله طبقته، ومثلت له حاضنه شعبية ظلت تحتضنه تسع سنوات.... لم تستطيع السلطة  القبض عليه خلالها  إلا بخيانة أحد الأهالي.... قبضوا علي جسد الحلم ،ولم يستطيعوا القبض علي الحلم قبضوا علي مفجر الوعي ،ولكن الوعي كان قد سكن النفوس   وأيقظ العقول وألهب النفوس بأنهم أصحاب الأرض ،وأصحاب الحقوق حكموا عليه ولكن الحكم كان بمثابة الحياة للطبقة ويخفف الحكم للسجن مدي الحياة بعد توسط قاسم آمين له، سلام علي الشرفاء ...
بقلم /إبراهيم الديب







Share To: