طيبٌ كالأنبياء ،  هادئ وكأنه جماد ، يحب الجميع  ، لا يكره أحد  ، هكذا حدثني أحدهم عن صلاح ، صديقه وزميل دراسته يتنهد بحرقةٍ مدوية، يذرف القهر أنهاراً مالحة، يقبض المناديل ويمسح الندوب الكثيفة من وجنتيه نتيجة الملوحة ،  صلاح كان مُغتربا ً، فارساً مُقاتلاً مُجاهداً في سبيل وجوده على قيد الحياة ، فجأة قررَ العودة نحو الديار ، كي تكتحل عيناهُ برؤية من يحب ، لفلفَ شوقه وحبه وسط حقيبته المليئة بالضياع،  بضياع عمره المهدور بعيداً من الأحباب . وأخيراً وصل البلد  لكن ملك الموت كان له بالمرصاد ، بالأمس غادر الوجود نتيجة لدغة ثُعبان، هكذا آفل ضوءه وإلى الأبد.

في بُقعةٍ تائهةٍ تفتقر لإبرة ضد التسمم ندفع ثمنها أرواحنا ، في مُديرية مليئة بالغُبار نودع أصدقاءنا وزملاءنا وأحبابنا، نلفُ الخرق البيضاء حول أجسادهم الطاهرة ونسكب دموعنا قهراً قبل أن تنزل الجُثث القبور ونصرخ لقد حان الرحيل الرحيل ، ترتفعُ الأصوات الحزينة من المنازل ، وترتجفُ جدرانها والتجاهل والتواطؤ وعدم المُبالاة بأرواحنا هو السبب دون غيره، مُديرية ملعونة كراسيها مُصدئية لا تكرمنا بإبرة ضد التسمم ألا لعنة الملائكة على رموزها ، 

ما ذنبنا نحنُ نودع الوجود في سنٍ مُبكر ، لا يليق بنا الرحيل من فضلكم إسمعوا نحنُ متعطشون للحياة يا أيها العالم التافه والحقير، صلاح لم يعد نحو الغُربة مرة ثانية،  لقد قطع تأشيرة نحو بلاد اُخرى،  نحو حياة هادئة ليس فيها تعب ولا ضجيج ، أغترب وإلى الأبد ، لم نراهُ جوارنا في الأيام القادمة ،لقد أصبح تحت التُراب يلعن ذاك الثُعبان ويبصق في وجه إبر التسمم المعدومة . 

وداعاً يا آخر الأنبياء .!







Share To: