أتعرفين ما هو الإكتئاب؟، لا تعرفين!

سألها "عارف" ومضى يجمع زهور البابونج الشارد عن حافة الطريق قبل أن تفاجئه سوسنة بنفسجية، قال بينه وبين نفسه" أنا تلك السوسنة وسط البابونج العشوائي هذا"، إستقام واقفا ينظر للسوسنة الوحيدة المنكبة أثر فرع ثقيل من نبته صبار شائعة لا يعرف إسمها ربتت فوقها بطغيان وتسلط، نظر ل"أروى" وأعاد السؤال، اذا ما هو الإكتئاب؟؛
إعتلتها نفس النظرة من السهو المتعمد فأرادت التشويش بديلا عن الصمت السابق الذي قد يدعو لطرح السؤال من جديد، فقالت" ربما أن تلك السوسنة الوحيدة من نوعها في هذا المكان، ربما الوحدة هي السبب".
إبتسم عارف بشغف وعلت ضحكاته" لا لا لم أسألك عن السبب، هي بين انواع كثر من جنسها مؤكدا لا تشعر بالوحدة وإلا ما بدا لها أن تنمو وتذدهر وتزهر"؛
ألقت تمللها في محيط المكان وبدا إنزعاج طفيف عنها قبل أن تستذكى بالموقف وتسأله" إذا ما هو الإكتئاب"؛
إستحسن "عارف" إلقاء الكرة في ملعبه فقال" أن تضطري للإذدهار في ظل وطأة ظروف قاسية، ثم لا يلاحظك أحد، هل لاحظتي السوسنة تلك من قبل، ربما غرستي بزرتها وأنساكي البابونج المنتشر من حولك وجودها، ربما أيضا لم تلاحظي نبته الصبار وإلا كنتي شذبتي فروعها لتنمو السوسنة بأريحية وجمال، أنتي للأسف لا تنظرين نحو ما يميز حديقتك، لم تلاحظي التواليب النادر على اليمين أو الأوركيدا الذابلة هناك وإلا كنتي أسعفتيها، أتهزأيين بتلك الأرواح جميعها!!"؛

"لا تتهمني بهكذا إتهام شنيع"، قالت وهي على وشك محاصرة المرارة التي أحستها من كلماته، تابعت" إن العين لا ترى إلى الظاهر والواضح"؛
قال بعدما جلس مقرفس يقطع بمشرطه أطراف الصبار الطويلة" إن الذي يزرع الحياة يبصر بقلبه، ويرعى بعقله، ويشك دوما في نظرته المحدودة"، أزال الحشائش الكثيفة حول السوسنة فضرب دفئ الشمس منبتها ووعى أنها أيام قلائل وستستقيم ساق السوسنة ويذهب الإكتئاب عنها، قام من مجلسة ورأى هلع طفيف في عيني المسكينة يكاد ينصحها بالفرار لأي سبب قادم أو أي كلمات مزعجة ستلقى مجددا، قال" لا تتهيأي للخسارة فأنا أحب الأصفر أيضا، دوار الشمس رائع في هذه المنطقة، وبما أنك تحبي الشيوع فلنغرس بجواره التواليب بكثرة ونضيف المذيد من السوسن بجوار تلك الوحيدة"؛

رأى ضحكتها مكتومة داخلها تدل على رضاها أخيرا، قال بينه وبين نفسه" وهكذا لن يصير أي شيء مميز ولن يكون لتلك السوسنة مكان، ريثما يكتمل الأمر سأعود لإقتلاعها فالمكان لا يستحق هكذا تفرد وتميز، ربما الإكتئاب أن تكون الحياة بالأصفر مستفزة وداعية للإشمئزاز حتى يقتلع المرأ نفسه من محيطها!!
أو ربما تلقى من يلاحظها وتكون مرادفة الأصفر بالحياة دافعة للإنحياز نحو الحياة بسهو متعمد عن القسوة وتماهي مقصود عن الطغيان، طغيان الأصفر بالحياة.







Share To: