فيحسب  الدراسات ، لم تخل أي لغة من اللغات القديمة من اللغة الشعرية  ، فكان  الشعر  غالبا ما يرتكز على الإيقاع دون القافية  والأوزان المقررة ، وقلما  تلاحظ القافية  في الأشعارالتي تتغنى بها الجماعات ، مثل ما  كان عند اليونان في الشعر المسرحي  ، عند العبريين في تراتيل الصلاة والعبادة  .
لكن  عند العرب تميزت  اللغة العربية عن جميع اللغات السامية  وخاصة  في الشعر  ، حيث تلاحظ القافية والوزن وأقسام التفاعيل في جميع بحوره وأبياته   ....
والمتبحر في الشعر العربي   وخاصة اللغة العربية قد  يجد أن اللغة العربية لغة المجاز  لكون اللغة العربية " تجاوزت بتعبيرات المجاز حدود الصور المحسوسة إلى حدود المعاني المجردة  . فيستمع العربي إلى التشبيه  فلا يشتغل ذهنه بأشكاله المحسوسة إلا ريثما ينتقل منها إلى المقصود من معناه  " حسب رؤية  عباس محمود العقاد  .  
ومجمل القول إن المجاز العربي يصور المعاني المجردة مباشرة  من وراء تصوير الأشباه والأشكال  ...
وبالرجوع إلى كتابات بعض الشاعرات والشعراء  يتبين للمهتم أن الشاعرة  المقتدرة  : " أمل الطريبق   " تملك  ناصية الإبداع في كتاباتها  ، وتعزف على  نفس الإيقاع   مسخرة الكلمة  على ترجمة العوالم الداخلية  بأسلوب دقيق  ، وجميل  ، تحاول محاورة ومشاركة ، همومها بأبعاد جمالية وإنسانية  عميقة   . وهذا ناتج  عن الحياة الثقافية  الراقية التي ارتوت منها المبدعة  ،وكذا ما اكتسبته من فيض تجربتها  داخل المحيط التي تنتمي إليه  .
 فالشاعر ابن بيئته ، وكل أدب موشوم بطبيعة بلده. ...
فالشاعرة أمل الطريبق   نشأت في وسط  المثقفين   ، وتربت تربية الأبناء المحظوظين نالت من التعليم الشيء الكثير  ، حيث  ارتقت وتدرجت في الدراسة لتتربع على كرسي الأستاذية كأستاذة  اللغة العربية  بالتعليم الثانوي التأهيلي  ... 
حتما لعب الوسط  في تكوينها تكوينا متميزا  مما ساعدها في الارتقاء لتشكيل ملامح الحروف البهية الوارفة   ، وهكذا ركبت المبدعة صهوة  المجاز والانزياح  مستجلية  كوامن النفس  ، لتسبح في حدائق مخيال  حالم  ، تطرز ملاحم  النخوة والكرامة  بتقنية منتقاة بحدق وأناة  . ممزوجة بالشجن  ، ومتمردة بصراحة قوية  ، بحيث يمكن اعتبار الشاعرة  رمز الأنوثة بحكم غيرتها على المرأة صاحبة  المشاعر الإنسانية النبيلة   ...
فالحداثة الأدبية جعلت من الشاعرة أنثى قوية  ساعدتها الانخراط  في فضاءات الإبداع بأسلوب جاد ، مستقاة  من  واقع الناس المعيش  ، ولعل انخراطها في الكتابة الشعرية  وبصمتها في المشهد الثقافي الأدبي المغرب أثبت حضورها  القوي في الساحة الشعرية الشاعرية  .
وبالرجوع لإصدارها  لديوانها " انسياحات  " الذي صدر ٢٠١٤  عن مطبعة الخليج بتطوان   ، سيقرأ القاريء قراءة  شعرية لنصوص جميلة  ممتعة متقابلة تشد المتلقي  ، لكون الشاعرة أمل الطريبق انتقتها  بذوق وشاعرية  منسجمة مع الذات والعالم والكون   ، تتدفق بروح  عالية من الوجدانيات والإنسانية ،  قيمة ، معطرة بسحر عبق يشفي شغاف القلب  والروح والفكر  ، مطروز بطابع فني  كبير   . فالمبدعة متمرسة في اللغة وضليعة في الأدب  ، وهذا ما يمكن استخلاصه من  خلال  تقلدها   :  رئيسة رابطة كاتبات المغرب فرع  القصر الكبير . وكذا مشاركتها في عدة ملتقيات ومهرجانات  شعرية  محلية ووطنية ...
مثل 
✓ المهرجان الدولي للشعر  بطنجة .
✓ مهرجان الشعر الحديث بشفساون .
✓ مهرجان الخمار الكنوني بالقصر الكبير .
بالإضافة إلى النشر  في ملاحق ثقافية وخاصة بالعلم الثقافي  وجريدة الشمال ،٢٠٠٠  .
 وقد أختم بالقول   :  هنيئا  للشاعرة " أمل الطريبق   " بانتسابها   للشعر  والشعراء  ، صاحبة  قلم ناعم  ، سامق ، ضليع  ، راقي ، متميز  . شاعرة  بارعة في تنميق  الحرف  ، تتقن  فن العزف  بالمفردات  الدالة ، المترجمة  لطيات دفينة  في الذاكرة   ،  المتفردة  بإبداعات  خصبة   . 
والحق يقال   :  إنها مبدعة ، امتطت هودج  الكتابة الشعرية الشامخة  ،  لذا  يجب اعتبارها كقيمة مضافة  على امتداد مساحة الأدب المغربي والعربي بامتياز  .

بقلم   : علال الجعدوني 






Share To: