هاتفني صديق قديم، أخبرني بأن أستيقظ وأتصفح مواقع الأخبار للأهمية القصوى.
هو يعرفني جيدًا، ويعرف أنني أضع العالم بأسره وأخباره وصراعاته على هامش حياتي، لذلك كنت أنصت إليه بنصف وعي، لم أكلف نفسي عناء أن أستيقظ استيقاظًا كاملًا، أدرك ذلك الأمر فصاح في الهاتف على الجانب الآخر وقال:
_كفاك سلبية، أنت نائم في حين أن هناك وباء مقبل على افتراس العالم.
ثم أغلق الهاتف، وبقيت لهجته الحادة ترن في أذني، "هناك وباء مقبل على افتراس العالم".
كان للكلمة وقع شديد، جعلني أستيقظ تمامًا، لم يحدث من قبل أن شيئا تسبب في أن أفقد رغبتي في النوم بهذه السرعة، لكن للكلمة رهبة شديدة، جعلتني أفيق رغمًا عني.
كان لدى هاتفي تطبيق أخبار لم أفكر في تصفحه من قبل، كان به كم هائل من الإشعارت المعلقة والغير مقروءة، قمت بفتحه وبدأت تصفح آخر الآخبار، وكانت جميعها تحمل نفس العنوان تقريبًا، وباء جديد يدعى "كوفيد ١٩" ينتشر في ووهان الصينية، تابعت تصفحي لباقي الأخبار فوجدت جميعها لم يخرح عن تلك المنطقة، ورغم أن اللقطات التي رصدها البعض لحالة الهلع في الشوارع كانت مروعة، حالات سقوط للمارة وبعض الجثث التي قضى الوباء على أصحابها تفترش الأرض، إلا أنني أغلقت الهاتف وقلت:
_وباء يضرب مدينة في آخر العالم، وصديقي الأبله يصرخ فيّ كي أستيقظ من أجله، ما علاقتي ب ووهان الصينية؟!
تابعت نومي حتى الظهيرة، وقمت بعد ذلك لأتابع بعض أعمالي اليومية، أهمها تجاهلي للعالم وما يحدث فيه.
مرّت أيام أخرى وأنا أمارس تجاهلي للعالم، حاول فيها صديقي مكالمتي، لكنني كنت أتجاهل رقمه دون أن أجيبه، أعرف ماذا سيقول، لم يكن من اهتماماتي أبدًا أن أعرف ماذا يحدث في دول أخرى، لا علاقة بما يحدث هناك بي، ولا بتلك المدينة البسيطة التي أعيش بها.
في اليوم التالي، هاتفني رقم غريب، أجبته فعرفت أن صديقي يطلبني من رقم آخر كي أجيبه، لكنه لم يحدثني عن العالم ولا عن دولة أخرى، كان يقول:
_لقد مات عمك، مات متأثرًا بكوفيد ١٩.

**






Share To: