يجلس  الزوج في هدوء وسكون لا يقل عن  هدوء  البيت غير المعتاد  في مثل هذا الوقت من اليوم  ،زوجته تقوم ببعض الأعمال علي سطح البيت هبت نسمه رقيقة منعشة زاد بها  اعتدال مزاجه وصفاء ذهنه ، تهيأت نفسه  لفعل شيء مما تعشقه وتكتمل وتملء به.
كان فصل الربيع في بدايته يرسل نسماته العليلة... رشف آخر ما تبقي من كوب القهوة دفعة واحدة ،قرر أن يوظف وسكون البيت وهدوئه لعمل يعشقه وهو: فعل القراءة  الساحر وقف أمام المكتبة ليتناول أحد الكتب التي رشحتها نفسه وعقله سلفا القراءة في الفترة القادمة ولكن هناك جلبة وضجيج تقطع السكون والهدوء وهو صوت زوجته فهي عندما تغضب يعتقد من يستمع إليها أن هناك مظاهرة أو ثورة تقترب أن تسقط عرش ملك أو سلطان جائر تتخلل هذه الثورة الجلية صراخ لا يخلو من ضجر وسباب للأولاد وهم ليسوا بالبيت وشكوي من الحياة وكأنها مجموعة نساء وثورة بمفردها  كانت  تتكلم و تعترض، و تتساءل ثم تقوم بالرد أيضا علي لنفسها لكل الأسئلة التي أطلقتها في الأثير؟ بأجوبة لا تقل هيستيرية عن أسئلتها المجنونة لنفسها وللحياة التي أذاقتها العذاب ،ثم اتجهت لزوجها وهي على تلك الحالة النفسية و العصبية ولهجتها  التي لا يستطيع أحد من أعضاء المجمع اللغوي أن يفقه مما تقوله شيئا ،فهي كما قص القرآن الكريم: في الخصام؛ لا تكاد تبين  متحدثة إلى نفسها بصوت جهوري ثم إلى زوجها : أين نقود الدروس الخصوصية ،ولماذا لم تترك نقود لمحصل الغاز ،أين السباك الذي وعدتني أنه سيحضر أكثر من ثلاث أيام البلاعة مكتومة ،أين الأرز والبصل ؟ أين وأين؟ وضع الكتاب جانبا ، لم ينطق بكلمة واحدة وأخذ يتحسس جيبه الشبه خالي ،طوى درج السلم تحت قدميه وكأنه عاد فتى صغير رشيق مسرعا وعندما أصبح أسفل  البيت تماماً نادت عليه من البلكونة وألقت له كارت الكهرباء بعد أن أخبرته أنه فصل. وعندما أبتعد عن البيت  قليلا سمع مجموعة طلبات أخري ،ولكنه لم يستمع إلا لأحرف من كلام طائش بعثره الأثير تذروه الرباح في اتجاهات الأرض الأربع مما كانت تحمله تطلقه لاتجاه زوجها وتتكفل رياح الربيع بحمله للزوج  الذي ابتعد عنها مخافة طلبات أخرى متحاشيا سلاطة لسانها أثناء غضبها ..

هذه أقل ما يتصف به إحدى حالات غضبها ثم ، وبعد الانتهاء من صب جام غضبها عليه ملقية عليه مسؤولية مشاكل الكون بأكمله وأنه أفشل زوج في الوجود... تقوم بعد ذلك بمحاكمته بعد أن: استحضرته أمامها  ذهنيا، ووضعته في قفص عتاة المجرمين ، وأخذت تكيل له الاتهامات مفرغة  كبتها وجام غضبها حبيس نفسها ،كانت تهذي.... تحسبها بين لحظة وأخري ستدخل في نوبة صرع....  ،ثم دخلت في  نوبة صمت بعد أن حاكمته وأدانته قضائيا واقتصت  منه خياليا.... 

ثم تهدأ نفسها قليلا وتشعر أن الأمر لم يكن يستحق كل هذا الغضب والثورة على زوجها..... ثم تبدأ بلوم نفسها، وخاصة بعد أن تأخر زوجها بالخارج بعض الشيء.... ثم تبدأ الوساوس تنتهبها بعد أن ينتج ذهنها سيناريوهات سيئة بسبب تأخره أكثرها تفاؤلا أنه ذهب للمأذون ليحدد معه موعد الطلاق، لتبدأ باتهام  نفسها وأنها أخطأت في حقه دون شعور منها  .... ثم تبدأ بجلد و بمحاكمة نفسها  وتكييل التهم لها وأن نفسها امارة بالسوء هذه المرة ثم تسقط من عينيها بعض العبرات تعبيراً عن حزنها أو ندما على فعلته .....  لأنها أغضبته ثم تتذكر ماضيه معها..... وما كان بينهما  من حياة طويلة وكانت أكثر أوقاتها  سعيدة..... فهو نعم الزوج مستدعية له تاريخ ناصع البياض .... طاردة من ذهنها سلبياته السابقة....، ثم تقسو علي نفسها .....،ثم ملتمسة  له العذر ،إن هو  هجرها وترك البيت وتزوج بأخرى....  يعود الزوج الذي أصبح الآن ضحية برئ وأبو أولادها ، بعد كان منذ قليل جان؛ من وجهة نظرها  ولا يصلح للزواج من الأساس ولا يستحق أن يكون أب....،ثم تقبل عليه فرحة هاشة مبتسمة وكأن شيء لم يكن ، ثم تطلب منه العفو عن خطئها الذي لا تقصده ...  ينظر لها الزوج نظرة شفقه عليها تعرفها زوجته جيداً مفادها أنه  سامحها  كما يحدث في كل مرة سابقة ، دون أن ينطق  بكلمة واحدة قبل نزولها من على سطح البيت وبداية ثورتها عليه ...






Share To: