من أعظم الأسباب التي تدعو لمزيد الإيمان بالله ؛ ما يراه المرء في عالم اليوم من مصائب ونوائب ونكبات ؛ لا كما يزعم بعضهم أنها أسباب تؤدي لنفور المرء من الإيمان والتسخط على الديان ؛ بكثرة اعتراضه على المصائب النازلة!

ولقد ساق القرآن حال الكفار في الجاهلية ممن كانوا يشركون في الرخاء ويوحدون في الشدة ، مما يدل على أن النفس حال المصيبة والشدة تطمع في لطف الله ومعونته.

وحين قرأ علقمة قول الله تعالى : 

﴿ومَن يُؤْمِن بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾

 قال في بيانها : 

«هو الرجل تصيبه المصيبة ، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلِّم».

وقد قال تعالى :

 {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ 156 أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُهْتَدُونَ}

 [البقرة: 155 - 157].

إن المصيبة تكسر القلب ، وتزيد في النفس معنى الضعف ؛ وحين تكون النفس كذلك فإنها أقرب ما تكون إلى الإيمان ؛ لأنها تحتاج إلى شيء يملأ الفراغ الروحي الذي شعرت به بعد نقص أو سلب الأشياء التي لديها ؛ فإنها ولو تسخطت بداية على مصيبة ألمت ؛ فستجد جوعا روحيا والروح لا يعمرها إلا الإيمان.

🌴يقول ابن القيم : 

"لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلًا وآجلًا ، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء ، وحفظًا لصحة عبوديته ، واستفراغًا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه ، فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه".

ولا يدري المرء كم تحمل المصائب في طياتها وقوف الناس مع المصاب ، وعطفهم وحنوهم عليه ، ورحمتهم به.

وجلب قلوب العباد لمحبة الشخص قد لا تأتي إلا بمصيبة أو نائبة ، فتنثني أعطاف الناس إليه.

وكم رأينا من ابتلي فرفع الله قدره ومنزلته وأعلى ذكره وحشد الناس من حوله.

،🌴وفي هذا يقول العلامة محمد أنور شاه الكشميري رحمه الله - :

 "وتِلك سُنَّة قد جرت من قبل ، أَن مَن يقاسي المصائب ، ويتحمل المشاقّ للدِّين : 

تُجلب قلوبُ الناس إليه ، وَينْزلُ له القبولُ في الأرضِ ، ويصيرُ ذا وجاهةٍ ومكانةٍ بين الناس؛ فَمَدْحُه مَدْح ، وقَدْحُه قدح .

كما ترى اليوم أيضًا ؛ فلما تكلَّم أحمدُ في تلك المسألةِ خلق القرآن وصُبَّت عليه من المصائب التي عَلِمها العوامُّ والخواصُّ ؛ فصبر عليها : 

وُضِع له القبولُ في الأرض ؛ فكلُّ مَنْ جرَّحه أحمدُ صار مجروحًا عندهم ، ومَنْ وَثَّقه صار عندهم ثقةٌ".






Share To: