يهطل ٱلْمطر .. يرتاد آفاقا غائمة ..يغسل تفاصيله ويتوضأ من كل ما علق بروحه ٱلشفيفة من أدران حياة صارت مثقلة بأوجاع وأنين من تاهوا عن ممراتهم وباتوا يتخبطون في أسلاك من وهم وسراب ..
يقترب من نافذة ٱلْغرفة، ويصيخ ٱلسمع وٱلْإنصات لمعزوفته ٱلْأثيرة ..يدور حول نفسه ويضحك ..يغرق في أمواج سعادة قصوى ..تلوح له غمازاتها فيبتسم مرة ..مرتين وثلاث ..ويمضي وقد ٱستغرقته ملامحها ..يحاول أن يرسمها بكل تفاصيلها ..
هو لا يدخن في ٱلْعادة ..لكنه ٱلْيوم ٱقتنى علبة سيجارة، يخرجها ويعيدها إلى درج مكتبه ..يرغب في ٱلتدخين بشدة،بشراهة ..
وشم تلك ٱلْهادئة لا يغادره قد حفر في أعمق نقطة ..بات يتطلع إلى عالمها ..مأخوذ بسحر تجاذبه أول لقاء بينهما ..
كان صامتين، ٱبتلعتهما أمواج صبح مندى قرب شجرة ٱلسّرو ..تطلع إليها وحدجته بنظرة حنو وعشق ..ذاب ٱلْكلام وغرقا معا في يمّ مطر من قبلات ..غرقا في بعضهما ..ونسيا كل ٱلْمحطين بهما..
تنز صورتها ..تفاصيلها من جديد ويحاول أن يرسمها مجددا ..يردد هي ..هي ..تكون حبيبتي ..إذن لما هذا ٱلْخوف من ٱلْاقتراب من تفاصيلها ..سأقتل هذا ٱلْخوف وأغرق فيها ..
يشق سبيله وشمس ٱللّه لم تضيء ٱلْكون بعد،يرتشفُ كؤوس فجر بليلٍ ويعانق أرضا يعرف همسها وٱختلطت رائحة أنفاسه بثراها..
يفتح كتابا ويقلب صفحاته ..هاهو طيفها يحضره ينقله حيث هي ..
تجلس في غرفتها وقد شردت بفكرها ..ترتدي دهشة ٱلْفضاء صوته يرن ..يملأ عليها حواسها ..
ٱلسّماء ٱلْيوم تلبدت بغيوم داكنة ..قلبها يمطر ..شحدت فكرها وٱنطلقت إلى مدينته، ترسم حلمهما ..غاغيم قد جاد فٱنهمر غيث بلل ملامح ٱلْمدينة ٱلعطشى.
تبتلعه ٱلطريق ..نداء ٱلطّبيعة في تلك ٱلربوع يناديه ..ٱلْكائنات ٱلْجميلة تتهيأ لصبحٍ جديدٍ ..تتنفس ٱلنايات وتتلى آيات من عظمة ٱلْخالق ..!!.
يقترب " محمد " من ٱلْمدفأة، ويمرر يديه فوق رجيع فحم ويستشري ٱلدفء في أوصاله ..
ديك ٱلْأم يصيح معلنا  عن بزوغ يوم جديد ..
ترتب ٱلْأرض أنفاسها ..دبت ٱلْحياة في لحاء ٱلشجر وعانقت ٱلْكرمة ندى ٱلثرى وٱنطلقت جموع عبر سفح ٱلْوادي لترتب مواعد لا تخلفها كل يوم جديد ..
مأخوذ هو بملامح تلك ٱلشجرة هناك ..لاتبارحه ..تلسعه لفحات باردة فيغيب  مع نسماتها ..
تراها تستشعر حضوري ..تلفحها ذات ٱلنسمات ..؟!.
يعود لينكب على دراسة بدأها منذ أيام ..
ويتمتم: " هي هناك تعيش حياتها ..ووحدي هنا أعجن ماء صبري ..أعرف أنها لا تفكر بي ..لقد ٱستغرقتها تلك ٱلٍحضارة ..لا ربما ..لاربما مال قلبها لأخر ..!!".
صوت ٱلديمقراطية يخبو، تتراجع لغة أصوات كانت متشبعة بٱلْفكر ٱلْيساري ..
جلست في مقهى " la véranda ،" ..وبدأت بتقليب صفحات رواية في أدب ٱلسجون ..ترتشف ٱلصفحات ٱرتشافاً ..
تعودت منذ سنوات ٱلْكلية أن تنأى بنفسها عن عالمهم، وأن ترتمي حيث لغة ٱلضَّوء وٱلْعزلة ٱلْمهيبة ترَتِّبُ فوضاها، وتُمرّنُ ذاكرتها على ٱستكشاف عوالم تحبل بٱلدّهشة وٱلْافتتانِ، تزرعها في أفضية حالمة ..







Share To: