حديث الجمعة
          القدوة الحسنة.          ٢٣
أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن القدوة الحسنة من بعض خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم وذكرت لك منها
(نبوة ورسالة خاتمة )وذكرت لك بعض الحِكم من ذلك واليوم بإذن الله تعالى أحدثك عن بعض خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم منها
القَسمُ بحياته ونداؤهُ بوصف النبوة والرسالة ونهى المؤمنين عن مناجاته باسمه صلى الله عليه وسلم مستلهما من الرحيم الرحمن الحكمة والبيان 
مستدلاً بما جاء فى القرآن وبما صحَّتْ به سنة الحبيب المصطفى العدنان
أولاً القسَمُ بحياته صلى الله عليه وسلم
أقسم الله تعالى بأشياء كثيرة من مخلوقاته  الدآلة على كماله وعظمته ليؤكد المعنى فى نفوس المخاطبين؛
فأقسم تعالى بالشمس والقمر والفجر والضحى والسماء إلى غير ذلك مما جاء ذكره فى القرآن الكريم
بينما تجده سبحانه وتعالى لم يقسم بأحد من البشر إلا بالرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول جل شأنه
(لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِی سَكۡرَتِهِمۡ یَعۡمَهُونَ ) الحجر ٧٢
قال ابن عباس رضى الله عنهما:ما خلق الله وما ذرأ و مابرأ نفسًا أكرم عليه من محمدصلى الله عليه وسلم وما سمعتُ الله أقسم بحياة أحدٍ غيره  :قال الله تعالى( لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِی سَكۡرَتِهِمۡ یَعۡمَهُونَ ) الحجر٧٢ يقول وحياتك وعمرك وبقائك فى الدنيا رواه ابن جرير وذكره ابن كثير عند تفسير الآية
وقال العز بن عبدالسلام ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله أقسم بحياته فى الدنيا والإقسامُ بحياة المقسَم به فى الدنيا يدل على شرف حياته وعزتها عند المُقسِم به لما فيها من البركة العآمة والخآصة ولم يثبت هذا لغيره صلى الله عليه وسلم
وأشير لك أيها القارئ الكريم إلى أمر مهم 
وهو كما قال العلماء
للخالق سبحانه وتعالى أن يقسم بما يشاء من مخلوقاته أما المخلوق فلا يجوز له القسم والحلف إلا بالله تعالى وأسمائه وصفاته والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) رواه البخارى ومسلم
خطابه صلى الله عليه وسلم بوصف النبوة والرسالة
خاطب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم بالنبوة والرسالة ولم ينادهِ باسمهِ زيادة فى التشريف والتكريم وإن كان التشريف والتكريم متلازمين لاسْمِه الشريف صلى الله عليه وسلم صفةً واسمًا ولكن الله اختص نبيه بما لم يختص به غيرَه من الأنبياء قال تعالى (۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِ )المائدة٤١
ويفهم من الأية معنى الرسالة مع جحود الجاحدين و نفاق المنافقين
وقال تعالى ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ یَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ)المائدة٦٧ ويفهم من الأية الخطاب بالرسالة مقرونًا بالبلاغ 
وفي الخطاب دعوة للسادة العلماء من الأئمة والخطباء والواعظين والواعظات إلى أن الصفة مقرونة بالإبلاغ وليعلم الجميع أنهم مبلغون عن الله فلتكن دعوتهم جميعا خالصة لوجه الله تعالى وقال تعالى فى معنى الكفايةوالسند للنبى (يـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ)الأنفال٦٤ وفى الأية دعوة للجوء إلى لله والاعتماد على من اتبعه من المؤمنين .
وأهيب بمن يكتبون على الفيس على صور الآباء والأبناء والأصدقاء سندى وذخرى   إلخ
اجعلوا سندكم  الله وذخركم كتاب الله فإنه نور لكم فى الأرض وذخر لكم فى السماء
مع أنى لا أقلل من شأن الآباء والأبناء وأهل الفضل والحكماء 
وقد خاطب الله نبيه فى أكثر من موضع بيا أيها النبى وياأيها الرسول
ولما خاطب الله غيره من الأنبياء والمرسلين خاطبهم بأسمائهم قال تعالى مخاطبًا  آدم عليه السلام
(وَقُلۡنَا یَـٰۤـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ)البقرة ٣٥ونوحًا عليه السلام فقال: (قِیلَ یَـٰنُوحُ ٱهۡبِطۡ بِسَلَـٰمࣲ )هود ٤٨
وهكذا الحال مع جميع الأنبياء والمرسلين
  و نهى المؤمنين عن مناداته باسمه
وذلك أدب من  الله عز وجل لعباده المؤمنين فى مخاطبة نبيه صلى الله عليه وسلم والكلام معه تشريفا وتعظيمها وتقديرًا له؛فأمرهم أن لا يخاطبوه باسمه بل يخاطبوه  وينادونه يا رسولَ الله!! ؛  و يا نبىَ الله !! وإذا كان الله تعالى لم يخاطبه باسمه مجردًا زيادةً فى التشريف والتكريم والاختصاص  فمن باب أولى أن يحظى النبى صلى الله عليه وسلم بهذا التميز والتكريم  من أمته قال تعالى
(لَّا تَجۡعَلُوا۟ دُعَاۤءَ ٱلرَّسُولِ بَیۡنَكُمۡ كَدُعَاۤءِ بَعۡضِكُم بَعۡضࣰاۚ قَدۡ یَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ یَتَسَلَّلُونَ مِنكُمۡ لِوَاذࣰاۚ فَلۡیَحۡذَرِ ٱلَّذِینَ یُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦۤ أَن تُصِیبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ یُصِیبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ )النور٦٣
قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير كانوا يقولون يا محمد ؛ يا أبا القاسم فنهاهم الله عز وجل عن ذلك إعظامًا لنبيه وأمرهم أن يقولوا يانبى الله !! يا رسول الله !!
بخلاف ما خاطبت به الأمم السابقة أنبياءها قال تعالى حكاية عنهم(وَلَمَّا وَقَعَ عَلَیۡهِمُ ٱلرِّجۡزُ قَالُوا۟ یَـٰمُوسَى ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ) الأعراف١٣٤
وقال تعالى حكاية عن الحوار بين مع سيدنا عيسى عليه السلام ([المائدة ١١٢]
(إِذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ هَلۡ یَسۡتَطِیعُ رَبُّكَ أَن یُنَزِّلَ عَلَیۡنَا مَاۤىِٕدَةࣰ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِۖ قَالَ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ)المائدة ١١٢
هذا غيض من فيض وقليل من كثير مما اختص الله به فى هذا الشأن البشير النذير وإن كان فى الأجل بقية فالحديث موصول مع خاصية من خصوصيات سيدنا الرسول وإن كانت الأخرى فالأجر عند الله مرجوٌ ومأمول.








Share To: