العقيقة :
 هي الذبيحة التي تُذبح للمولود.

وهي سُنة مؤكدة في حق القادر عليها، كما عليه جمهور أهل العلم.

وقد رَوى أصحابُ السُّنن عن سَمُرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :

 «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُمَاطُ عَنْهُ الْأَذَى، وَيُسَمَّى».

 وفي بعض الأحاديث أنه يُتَصَدَّق :

 «بِوَزْنِ شَعْرِهِ مِنْ فِضَّةٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ».

 [انظر الهامش في آخر المنشور].

ويُذبح عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة :

 لما رواه الترمذي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ:

 «أَمَرَهُمْ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ [أَيْ: مُسْتَوِيَتَانِ أَوْ مُقَارِبَتَانِ] وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ».

ولا يُشترط في الشاتين في العقيقة أن تكون بذَكَرٍ، بل تجزئ الأنثى.

ولو لم يقدر أو يستطع ذبح الشاتين في وقت واحد ففرَّق بينهما فذبَح واحدةَ في شهر، والثانية في شهر آخر :

 لم يكن بذلك بأس ، والأَوْلى الجمع بينهما لمن استطاع ذلك .

ولو اقتصر على واحدة عن الغلام كفت وأجزأت  لقوله ﷺ في الحديث المتفق عليه :

 «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

ولا يجزئ شراء لحم أو خروف مذبوح على غير نية العقيقة عند ذبحه .

 فلا تصح العقيقة إلا بما ذبح لأجلها خاصة، لأنها قُربة يَتقرب بها الذابح إلى الله تعالى، تحقيقاً لسُنَّة النبي ﷺ، والقُربة لا بد فيها من النية عند إرادتها.

ويُسن أن تُذبح يوم السابع للولادة ، فإن لم يكن ففي الرابع عشر وإلا ففي الحادي والعشرين. 

[وهو قول عند المالكيّة وهذا مرويّ عن عائشة رضي الله تعالى عنها] .

 فإن لم يتمكن في هذه الأوقات ، لضيق الحال أوغير ذلك ، فَلَهُ أن يَعُق بعد ذلك إذا تيسرت حالُه، من غير تحديدٍ بزمنٍ معين، إلا أن المبادرة مع الإمكان أبرأ للذمة.

وقد اختلف العلماء في حكم المولود الذي يولد ميتاً بعد أن نفخت فيه الروح ، أو يموت بعد ولادته بيسير، سواء أكمل ستة أشهر أم لا:

▪ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يعق عنه، لأنه نفخت فيه الروح، وسيبعث يوم القيامة.

وذهب إلى هذا القول الشافعية والحنابلة فقالوا : 

تبدأ العقيقة عن المولود من تمام انفصاله. 

▪ويرى المالكية والحنفية :

 أنه لا يُعق عنه؛ لأن العقيقة إنما تُشرع في اليوم السابع فقط.

▫والأَوْلى أن يُعق عنه في هذه الحال، وإن كان استحباب العقيقة في مثل هذه الحالة ليس كاستحبابها فيما إذا بقي الطفل حتى بلغ سبعة أيام، والعلم عند الله.

 ويرى جمهور الفقهاء أنّ يوم الولادة يحتسب من الأيّام السّبعة .

 وبالتالي فإنّ الليلة التي ولد فيها لا تحتسب إن كان قد ولد ليلاً، بل يتمّ احتساب اليوم الذي يليها.

 وقال المالكيّة في ذلك : 

لا يحسب يوم الولادة في حقّ من ولد بعد الفجر، وأمّا من ولد مع الفجر أو قبله فإنّ اليوم يحسب في حقّه.

 والذى تُطلب منه العقيقة هو :

 من تَلزمه نفقةُ المولود فيؤديها من مال نفسه لامن مال المولود.

فإذا قام أحد آخر بشراء عقيقةٍ بإذن الأب، فهي مجزئة، وإن كانت بغير إذنه فهي مجزئة أيضا عند بعض أهل العلم.

 واذا بَلَغ الولدُ ولَم يُعَق عنه عَقَّ عن نفسه.

وقال بعض العلماء : 

لا يَعُق عن نفسه، لأنها سُنةٌ في حق غيره وهو الوالد، وإنْ فعَل فحَسَنٌ لا كراهة فيه.

 والسن المجزئ في العقيقة كالسن المجزئ في الأضحية وهو :

 خمس سنين للإبل.
 وسَنتان للبقر.
 وسَنة للمعز.
 وسِتة أشهر للضأن (الخرفان).
 لا يجوز أن يكون سنها أقل من ذلك.

وقد اختلف العلماء في البقرة - هل تجزئ عن واحد أم عن سبعة ؟

 ▫فذهب الشافعية : 

إلى أنها تجزئ عن سبعة قياساً على الأضحية والهدي.

 ▫ وذهب المالكية والحنابلة: إلى أنها تجزئ عن واحد.

 والظاهر هو الأول. 

ولا يجزىء فيها إلا ما يجزئ في الأضحية، فلا يجزئ فيها عوراء، ولا عرجاء، ولا جرباء، ولا مكسورة، ولا ناقصة، ولا يُجَز صوفها، ولا يباع جلدها، ولا شيء من لحمها.

  ويأكل منها، ويتصدق، ويُهدي.

  ولا حرج في كسر عظمها ولا يلتفت إلى قول من قال :
 إنه لا يكسر تفاؤلًا بسلامة الصبي، إذ لا أصل له في كتاب ولا سُنة صحيحة.
والحديث الوارد في المنع من كسر عظام العقيقة مَعْلُول لا يُحتج به.

 ولايُشترط أن يَرى الوالدان دمَ العقيقة، وليس على ذلك دليل.

 ولا بأس بعمل العقيقة في بلد غير بلد الشخص ، أو في غير مولده، ولا يشترط في صحة العقيقة أن تكون في البيت، أو أن يأكل منها الأهل، والأمر في ذلك واسع.

 وذهب جمهور الفقهاء :

إلى أنه يستحب طبخ العقيقة كلها حتى مايتصدق به، وإنْ فَرَّقَها بدونِ طبْخٍ جازَ ذلك.

ولا يُشترط أن توزع على ثلاثة أقسام، بل يجوز أن يوزعها أثلاثاً، أو نصفين، أو أن يأكلها كلها، أو أن يتصدق بها كلها، أو أن يعمل عليها وليمة. 
لكل الأفضل أن يأكل منها ويتصدق.

▪وأما ذبْح الأضحية بنية الذبح ونية العقيقة معًا :

فهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين:

▫منهم مَن أجازها، كما هو مذهب أحمد ومن وافقه.

 ▫ومنهم مَن منَعها؛ لأن المقصود مختلف :

 فالمقصود بالأضحية الفداء عن النفس.

 والمقصود من العقيقة الفداء عن الطفل.
 وعليه فلا يتداخلان. 

ولاشك أن الأخذ بهذا القول أوْلى لمَن كانت عنده سعة وقدرة عليه، فمن لم تكن له سعة فالأخذ بمذهب أحمد أوْلى له.

 الجمهورُ على أن فِعل العقيقة أَوْلى من الصدقة بقيمتها .

 فثوابُ العقيقة عظيم وقد وردت الأحاديثُ الكثيرة مرغبةً فيها.

🌲وأخيراً :

«كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ» 

قال العلماء في معناه أقوالًا كثيرة مِن أقواها:

١- أن المولود يكون ممنوعًا ومحبوسًا عن خيرٍ يُراد به، وليس ممنوعًا من الخير كله، بل من بعضه أو مِن كماله وتمامه وبلوغِ الغايةِ فيه.

 كأن يُمنع من أن يكون غنيًّا، أو يربح ربحًا أعلى، أو أن يتأخر عنه وصول الخير.
٢- أو المعنى : أنَّ تنشئتَه تنشئةً صالحة، وحِفْظَه حفظًا كاملاً - مرهونٌ بعقيقته.

٣- أو أنه محبوس لا يَسْلَمُ من الآفات والأمراض إلا بعقيقته.

٤- أو أنه كالشيء المرهون لا يتم الاستمتاع به دون أن يقابَل بالعقيقة؛ لأنه نعمةٌ من الله على والديه، فلا بد لهما من الشكر عليه.

 وقد اختار ابن القيم من هذه الأقوال أن:

المرتهن هو المحبوس عن أمرٍ كان بصددِ نَيْلِه وحصولِه ، ولا يلزم من ذلك أن يكون بسببٍ منه، بل يَحصل ذلك تارة بفعِله، وتارة بفِعلِ غيرِه.

وقد جعل الله سبحانه العقيقة عن الولد سببًا لفَكِّ رِهَانِه من الشيطان الذي يَعْلق به مِن حينِ خروجِه إلى الدنيا وطعْنِه في خاصِرته، فكانت العقيقةُ فداءً وتخليصًا للمولود مِن حَبْسِ الشيطانِ له، وسَجْنِه في أَسْرِه، ومَنْعِه له مِن سعيِه في مصالحِ آخرتِه التي إليها معادُه، فكأن المولودَ بصددِ هذا الارتهان، فشَرَعَ اللهُ سبحانه للوالدين أن يَفُكَّا رِهَانَه بذِبْحٍ يكون فِدَاه، فإذا لم يُذبح عنه بَقِي مرتهنًا به.

ولا يلزم من ذلك أن يعاقب على ذلك في الآخرة، وإنْ حُبس بترْكِ أبويه العقيقة عما يناله مَن عقَّ عنه أبواه.

 وقد يَفُوتُ الولدَ خيرٌ بسببِ تفريطِ الأبوين وإن لَم يكن مِن كَسْبِه، كما أن الجِماع إذا سَمَّى أبوه لم يَضُرَّ الشيطانُ ولدَه، وإذا ترَك التسميةَ لم يَحصل للولد هذا الحفظ.







Share To: