كتبت الأديبة المغربية سعيدة الرغيوي :
ٱحتضنت قاعة" ابن خلدون" صبيحة ٱلْيوم ٱلثلاثاء 14 دجنبر 2021 " ٱبتداء من ٱلساعة ٱلتاسعة وٱلنصف لقاء ثقافيا نقديا مائزا، حضرت فيه ٱلتّجربة ٱلْإبداعية وٱلْمسرحية للمبدع وٱلمسرحي والمناضل ٱلثقافي ٱلْمغربي" محمد قاوتي".
اُفتتح ٱللّقاء ٱلنقدي بكلمة مسير ٱللقاء ٱلدكتور "محمد أمنصور"، ٱلذي رحب بضيف ٱللقاء، وبٱلحضور من ٱلطلبة وٱلْأساتذة ٱلْباحثين وٱلْمهتمين بٱلتّجربة ٱلْقاوتية ..وقدم ورقة تقديمية في حق ٱلْهرم ٱلْإبداعي ٱلْمحتفى به.
لتعقبها كلمة رئيس جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، وعميد كلية ٱلْآداب وٱلْعلوم ٱلْإنسانية ،حيث أشادا بدورهما بهذه ٱلتّجربة ٱلرائدة ٱلتي تستحق أكثر من لقاء وٱحتفاء،إنه ٱلدرس ٱلْجامعي يتبلور في شكل لقاء نقدي باذخٍ، يستحث ٱلْباحث ٱلْأكاديمي وٱلطّالب ٱلْجامعي على مطارحة مثل هاته ٱلتّجارب وٱلنّبش فيها وٱلْبحث في أوراقها ..
تجربة ثرية قمينة بٱلْقراءة وٱلْمتابعة وٱلْانكباب عليها تنظيرا ومُمارسةً.
وقد كان ٱللّقاء فرصة للتعرف عن كثب على هذه ٱلتّجْربة ٱلمتفردة لمبدع حق فيه ٱلْقول أنه مناضل ثقافي ومبدع من طينة ٱلْكبار، فإذا تكلم جعل ٱلمتلقي يصيخ ٱلسّمع وينصت وتتملكه ٱقتناعات بأن ٱلْإبداع وصوت ٱلْإبداع ٱلْمغربي غزيرٌ ووفيرٌ ينبغي فقط أن نحرص على مواكبته كما ألمعت إلى ذلك بٱلدرس وٱلتنظير وٱلْإشتغال عليه، لاسيما وأن ٱلدّخيرة ٱلْمسرحية ٱلْمغربية غنية تمتح من متعددٍ لترسم لها أفقها ٱلْمتفرد ٱلْمستغرق مساحة ٱلذات وٱلْهامش وٱلْواقع ٱلْمغربي بزخمه وتلويناته ومعماره ٱلْإبداعي ٱلْمميز ٱلذي يسائل تجارب عدة وينهل من تجارب مسرحية عالمية أيضا ..
وقد عرف ٱللقاء مداخلة ٱلدكتور " محمد بهجاحي"، ٱلذي لامس ٱلتّجربة "ٱلْقاوتية"، من خلال ٱعتماده على ٱلنّص ٱلْمكتوب ٱلْأدبي وٱلنّص ٱلْعرض ٱلذي يقدم على ٱلرُّكح ..فقال بأن ٱلنص ليس سطحيا ونظر إلى ٱلتجربة من خلال ثلاثة محاور أساسية:
ٱلنص بٱعتباره "طبقات نصوص"، ففصل في ذلك وأتى على ذكر بعض ٱلنّصوص وٱلْمسرحيات ٱلْمكتوبة للمبدع "محمد قاوتي"،وهو يرتحل بين عرصات ٱلْكاتب ٱلْإبداعية، ويحاول تفتيت جزئياتها..باحثا عن مكامن ٱلتّفردِ فيها ..فوقف عند نص "نوماس لاند" و" " ٱلرينݣ"..
ثم ٱنتقل للمحور ٱلثاني: (( ٱلنص بٱعتباره حاضنا لشخصيات إشكالية))، فأشار إلى كون أن ٱلشّخصيات لا تحضر كليا ولاتغيب كليا وأثار مجموعة من ٱلنقط ٱلْأخرى ٱلتي تكشف عن تمرُّس وحنكة ٱلْمبدع " محمد قـاوتي".
ليعرج بعدها للحديث عن ٱلنّص كمشروع عرض في ٱلكتابة ٱلْإبداعية ٱلْقاوتية ..وأشار إلى كون مايميز نص ٱلقاوتي هو ذاك ٱلتنوع وٱلثراء وٱلمتح من متعدد ..ومن كون هذا ٱلْأخير ٱشتغل على ٱلاستنبات في ٱلعديد من كتاباته المسرحية كمسرحية بوغابة، ٱلتي هي ٱستنبات عن ٱلسيد نوتيلا وتابعه " ماتي" لبرشت ..
إنه محمد قاوتي ٱلذي يحلو له أن يسميه أسماء عدة : قاوتي ٱلْعروبي" قاوتي ٱلفقيه وٱلْعارف ...الخ.
إنه صاحب ٱلْاستنبتات أو بٱلْأحرى إعادة كتابة ٱلنصوص ٱلْعالمية من منظورٍ مغربيٍ صرفٍ.
هو صاحب أعمال مسرحية كثيرة "بوغابة"، " سيدنا قدر" .." حب وتبن " و " ٱلْحلاّ ج يصلب مرتين"،" رحلة موح" .." الرينݣ".. وكتابات كثيرة ..هو ٱلْمبدع من متعدد من حقل ٱلسّياسة وٱلْفن ..فقد عمل على ٱستنبات نصوص مُغايرةٍ.
وعموما، فقد تناول ٱلْموجهات ٱلْفكرية في تجربته ٱلْإبداعية، مركزا على ٱستراتيجيات ٱلْكتابة..ليشير إلى كون " محمد قاوتي"، ٱقتات أيضا من ٱلْهامش في بناء هذه ٱلتّجربة ٱلْمائزة وتوكأ على ٱلتُّراث ٱلشّعبي..كما ٱستفاد من تجارب مُجايلهِ..وبهذا تكون ٱستراتيجيته في ٱلْكتابة قد تأثتث ٱنطلاقاً من نصوصٍ متعددةٍ.
في حين كانت ٱلْمُداخلة ٱلثّانية للدكتور " خالد أمين" ٱلذي ٱعتبر ٱلكاتب "محمد قاوتي"، يسكنه هاجس " تمغربيت" ووقف بدوره على كتاباته وأعماله ٱلتي ٱعتبرها علامات مضيئة في ٱلتّجربة ٱلْإبداعية ٱلْمسرحية بٱلْمغرب وأشار بدوره إلى ٱلْاستنبات وٱلْاقتباس ٱلذي ينأى عن ٱلْإبتذال،فٱلتّجربة ٱلْقاوتية تقتات من لغة ٱلْيومي ٱلْبسيط، كما قام بٱستقراء ٱلْماضي بعين ٱلْمستقبل، ومن ثمة فهو ينأى عن لغة ٱلْبيانات ..إذ ٱرتقى بهذا ٱلْإبداع إلى مسرح مغربي يبتعد عن ٱلتّشييء.
ليُشير إلى كون "محمد قاوتي"، من خلال ٱلْمسرح ٱلشعبي يسعى إلى طرق أبواب ٱلنخبة (( مسرح شعبي موجه إلى ٱلنخبة" ..وهو في كل هذا ينتهج مبدأ ٱلخلخلة وٱلرؤية ٱلتفكيكية ٱلْقائمة على ٱلْهدم ومُعاودة ٱلْبناء ..ناهيك عن حضور ٱلتناص (( عبور ٱلنصوص ٱلسابقة النص ٱلْمكتوب ٱلْقابل للعرضِ))..وهذا ما لُوحِظ من خلال ٱختراقه لهذي ٱلشبكة ٱلْمعقدة من ٱلنّصوص ٱلْأدبية وإعادة ٱلْإشتغال عليها ..
ليلمع إلى كون ٱلْعزلة وٱلْحصار كان له دور أيضا في هذا ٱلنّتاج ٱلْإبداعي ٱلْغزير ..كما عقد مصالحة مع ٱلْإبداع ٱلْفرجوي ٱلشعبي وأيضا ٱلْاشتغال على ٱللغة ..
أما ٱلمداخلة ٱلثالثة، فكانت للأستاذ " حسن يوسفي"،ٱلذي بدوره أشاد بهذه ٱلتجربة ٱلْخِصبة ٱلْمجددة للتمرينِ ٱلْإبداعي وركز على ٱلتقاطعات ٱلْحاصلة بين نسغ ٱلكتابة عند ٱلقاوتي وٱلكتابة ٱلْإبداعية عامة وٱلْمحاورة ٱلْحاصلة بين ٱلنصوص ٱلْمستندة على ٱلْمقروءِ لإنتاج إبداع جمالي ..ونصّص على أن ٱلْماء ٱلذي يجري في كتاباته ٱلْإبداعية أصيلٌ ..لتعقبه مداخلة ٱلدكتور " محمد حميدي"،ٱلذي عمل على مقاربة هذه ٱلتجربة بٱلْوقوف أيضا عند بعض أعماله وكتاباته مشيرا إلى أن ٱلتجربة ٱلْقاوتية يمكن ٱلْاعتداد بها في الدرس ٱلجامعي ...معتبرا " محمد قاوتي"،من ٱلْأصوات ٱلْإبداعية ٱلْمغربية ٱلتي ينبغي ٱلْعودة إليها ..
وأخيرا جاء دور ٱلْمحتفى به ليتحدث بلسانه عن تجربته فكان ٱلْحديث ٱرتحالا في حدائق " ٱلْقصايد" ومحاورات مع ٱلْجدة " حنّة" ومحاورات مع ٱلرحيل " محمد ٱلبسطاوي" ..تجربة إبداعية دونما ريبٍ جديرة بٱلْقراءة وٱلتوقف وٱلْاحتفاء هي تجربة ٱلكاتب " محمد قاوتي" ..
Post A Comment: