تحار الأنفس عندما تحدث نفسها بما تشعر، فتدرك كم ينقصها من معرفةٍ ومحبة تخاف أن يمر العمر بدونها، وتخجل حتى من مصارحة الغير بهذا الشعور، فلا تعرف كيف تصفه أو تصنفه ومن يشعر به أكثر من غيره..أهم الرجال أم النساء؟ ماهي حدوده، متى يبدأ وأين ينتهي؟ نتأمل في كل ما حولنا فندرك أننا بغرورنا البشري نحمل نزعة التفوق والتعالي على أغلب ما يختلف ومن يختلف عنا لينسحب ذلك على باقي الكائنات التي تشاركنا هذه الأرض، فنعتقد أنها موجودة ٌ لخدمتنا أو تسليتنا، متناسين أن الكثير من الأبحاث والدراسات والعلوم والإنجازات التي نحيا بفضلها حياةً أفضل من حياة أسلافنا في قرونٍ مضت تعود إلى الحيوانات والنباتات التي كانت الحاضنة الأولى لرفاهنا البشري، فمن خلالها ومن خلال دراسة سلوكها ونمط حياتها وتأثيرها وتأثرها بالطبيعة وبكل ماحولها توصلنا إلى ما نعيشه لكننا نتناسى ذلك تحت أعذار ٍ كثيرة غير منطقية أو مقنعة، وننسى أيضاً أنها نفس وكيان وروح وذات كاملة تعيش في ملكوتها ومكانها الذي ولدت فيه فتتصرف بشكل ٍ طبيعي فطري إلى أن تعبث يد الإنسان بها..

فنرى أو نلاحظ أن هذه الكائنات بدأت تصاب بأمراض ٍ مختلفة تشابه تلك الأمراض التي تصيب الإنسان كأمراض القلب والسكري ومشاكل الكلى والسمنة، حتى أن بعضها بدأ يصاب بمشاكل نفسية ويصاب بالتوحد، والتي يأخذ الحديث عنها شكلاً من أشكال التندر لدى شريحة ليست بالقليلة من الناس، مع أن أمراضها تزايدت عندما اقتربت من البشر بشكلٍ أكبر وأدى ذلك إلى تناقص أعدادها وتهديد بعضها بالإنقراض وأثر على الطبيعة بكل مكوناتها بسبب إختلال توازنها، وانعكس علينا بطريقةٍ واضحة في صورة مناخ مضطرب ودرجات حرارة مرتفعة وحرائق وكوارث بيئية في مختلف بلاد العالم..

وللأسف فإن علاقة الكثير من الناس الذين لا ينظرون إلى الحيوان أو الطبيعة عموماً إلا بشكلٍ سطحي، هي مجرد جزء من الإستعراض والتباهي أو محاولة (صناعة) صورة يظهرون بها بشكل (رقيق أو متحضر) خصوصاً عند عرضها على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، فيستخدمونها للفت الأنظار أو ملأ الفراغ أو استنساخ أفكار لدى الآخرين..

وبكل بساطة فإن هذه الكائنات تملك سريرةً نقية وبصيرةً تفوق البصر وتمكنها من تمييز الشخص الذي يتعامل معها بمحبة عن ذلك الذي لا يحبها أو يتعامل معها بقدرٍ من التصنع أو تكلف الإهتمام، كما تملك قدراً كبيراً من الحساسية والعاطفة والقدرة على التعلم والتأقلم والتكيف والتي تختلف بحسب طبيعة كلٍ منها وبدرجاتٍ متفاوتة، لكن اتساقها مع ذاتها وتصرفها بفطرية بشكل ٍ يناقض سلوك الكثير من البشر الذي بات يشوبه الإضطراب وتحيطه علامات الإستفهام يؤكد أن لدينا الكثير لنتعلمه من الطبيعة والحيوان، ويستحق أن نتأمله ونتوقف عنده ونراقبه بإهتمام لندرسه ونقارنه في سلوكيات ومشاعر تشترك فيها كل المخلوقات، علنا نعود إلى فطرتنا وسلامنا وحقيقتنا وواقعنا في زمن العوالم والمشاعر الإفتراضية والعابرة التي عززتها مواقع التواصل الإجتماعي وجعلت الإنسان أكثر ميلاً للمظاهر وللقيم المادية والإستهلاكية التي لم تسلم منها حتى الطبيعة والحيوانات..

خالد جهاد..






Share To: