🌱السؤال :

لو رفض الإمام الجمع مع وجود العذر المبيح للجمع، هل للمأمومين أن يصلوا العشاء جمعًا بإمام آخر ؟

🌱الجواب :

 لا يشترط اتحاد الإمام والمأموم في الجمع :

 لأن الذي يتم به الجمع هو الجماعة لا عين الإمام والمأموم .

وبناءً على ذلك :

يجوز أن يؤم الصلاة الأولى في الجمع إمام والصلاة الثانية إمام آخر .

 قال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتابه المغني : 

وإذا صلى إحدى صلاتي الجمع مع إمام وصلى الثانية مع إمام آخر .

وصلى معه مأموم في إحدى الصلاتين .

 وصلى معه في الثانية مأموم ثان صح .
 
🌴وقال الإمام البهوتي الحنبلي في كتابه كشاف القناع :

لا يشترط في الجمع تقديمًا كان أو تأخيرًا اتحاد إمام ولا مأموم .
فلو صلى من يجمع الأولى وحده ، ثم الثانية إمامًا أو مأمومًا .

أو صلى إمام الأولى وإمام آخر الثانية .

أو صلى مع الإمام مأموم الأولى وآخر الثانية .

صح الجمع في هذه الصور كلها ؛ لأن لكل صلاة حكم نفسها ، وهي منفردة بنيتها ، فلم يشترط اتحاد الإمام والمأموم .
 
🌴وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل يؤم قومًا وقد وقع المطر والثلج فأراد أن يصلي بهم المغرب فقالوا له : يجمع .

فقال : لا أفعل ، فهل للمأمومين أن يصلوا في بيوتهم أم لا ؟

🌱فأجاب فضيلته : 

 نعم يجوز الجمع للوحل الشديد ، والريح الشديدة الباردة في الليلة الظلماء ونحو ذلك .

 وإن لم يكن المطر نازلًا في أصح قولي العلماء ، وذلك أولى من أن يصلوا في بيوتهم بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت بدعة مخالفة للسنة ؛ إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة ، وذلك أولى من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين ، والصلاة جمعًا في المساجد أولى من الصلاة في البيوت مفرقة باتفاق الأئمة الذين يجوزون الجمع : 

كمالك والشافعي وأحمد والله تعالى أعلم .
 
إلا أن الإمام ابن عقيل الحنبلي اشترط اتحاد الإمام والمأموم في الجمع ؛ لأن كل واحد من الإمام والمأموم أحد من يتم به الجمع ، فلم يجز اختلافه ، وإذا اشترط دوامه كالعذر اشترط دوامه في الصلاتين .
 
🌲وختامًا ينبغي الإشارة هنا إلى ثلاثة أمور :

1- يحدث كثير من الخلافات في المساجد فيما يتعلق بموضوع الجمع ، فعامة الناس ترغب بالجمع .
 وهناك من يتشدد ويرفض الجمع وربما تتعالى الأصوات في المسجد وتحدث مشاحنات بين المصلين فيما بينهم أو بينهم وبين الإمام بسبب هذا الأمر .

وهذا أمر غير جائز فللمساجد حُرمة ومهابة ومكانة .
 لا يجوز التعدي عليها .

 فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن السائب بن يزيد قال : 

كنت قائمًا في المسجد فحصبن رجل - أي رماه بحجر صغير لينتبه عليه - فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال :

 اذهب فأتني بهذين ، فجئته بهما .

 قال : من أنتما - أو: من أين أنتما ؟

 قالا : من أهل الطائف .
قال : لو كنتم من أهل البلد أوجعتكما ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 
2- الإمام هو سيد الموقف في اتخاذ قرار الجمع ، وله أن يتشاور مع أهل العلم من المصلين في مسجده وهو الذي يتحمل مسؤولية فعله بينه وبين ربه .

 كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : 

الإمام ضامن ، فإن أحسن فله ولهم ، وإن أساء فعليه ولهم .

فمن رضي بجمعهم فليجمع ومن لم يرضَ ولم تطمئن نفسه به ، فله أن يُصلي معه بنية النفل والتطوع ، أو أن ينصرف صامتًا هادئًا .
 
3- إذا تحقق العذر المبيح للجمع يقينًا بلا شك ينبغي على الأئمة عدم التشديد على المصلين فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالرخصة .

عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 

إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته .

رواه أحمد وابن خزيمة .
 
وفي رواية أخرى عند ابن حبان والبيهقي والطبراني عن ابن عمر :
 عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 

إن الله يحب أن تؤتى رُخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه .
 
ويخشى على من يبالغ في التشديد على المصلين أن يدخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : 

اللهم من وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم، فاشقُقْ عليه .

نسأل الله العفو والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة .







Share To: