أيها إلقارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن بعض ما اختص الله تعالى به عبده ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم ووعدتك باستكمال الحديث لننال معًا التشريف بسيرة النبى الشريف راجيًا من الرحيم اللطيف العفو عما كان من تقصير غير مقصود من عبدِ لايتجرأ على الكذب والتحريف ووصلًا بما سبق أقول وعلى الله القبول
٨/ اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بالزَّواجِ مِنْ غيرِ وليٍّ ولا شُهُودٍ:
عن عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا- قالتْ: قالَ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (لا نِكاحَ إلا بوليٍّ وشاهدينِ).
وقد انفرد رسولُ الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- عن أمتِهِ في هذينِ الحُكمينِ، فأباح اللهُ–تعالى- له الزَّواجَ بغيرِ وليٍّ ,ولا شهودٍ تشريفًا وتكريمًا له, لعدمِ الحاجةِ إلى ذلكَ في حقِّه-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.
قال العلماءُ: ((إنما اعتُبِرَ الوليُّ في نكاحِ الأُمَّةِ للمحافظةِ على الكفاءةِ،وهو-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فوقَ الأَكْفَاءِ، وإنّما اعتُبِرَ الشُّهودُ لأمنِ الجُحُودِ وهو-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- لا يجحدُ)). نضرة النعيم
ودليل هذا الحكمِ في حَقِّهِ في حديثِ زينب بنت جحش-رَضيَ اللهُ عنهُا- أنها كانت تفخرُ على أزواجِ النَّبيِّ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وتقولُ:(زوجكن أهليكن, وزوَّجني اللهُ- تعالى- مِن فوق سبع سماوات) البُخارى
٩/اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّ مَنِ استهانَ بهِ كَفَرَ:
تضافرتِ الأدلةُ من الكتابِ والسُّنَّةِ وإجماع الأمة مُوضِّحة، ومجلية ما يجبُ لرسول الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- من الحقوقِ وما يتعيَّنُ له مِنْ برٍّ وتوقيرٍ وإكرامٍ وتعظيمٍ, ومن أجلِ هذا حَرَّم اللهُ-تبارك وتعالى- أذاه في كتابِهِ وأجمعتِ الأُمَّةُ على قتلِ منتقصِهِ وسآبِّه.قالَ اللهُ-تعالى-:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}(57) سورة الأحزاب.
 وقال–تعالى-:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (61) سورة التوبة.
فكلُّ مَنِ استهانَ برسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أو سبَّهُ أو عابَهُ أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أوعرَّضَ به أو شبَّهه بشيءٍ على طريق السَّبِّ له أو الإزراءِ عليه أو التصغير لشأنه أو الغضِّ منه والعيب له, فإنه يُقتلُ كُفراً(1)، والدَّليلُ على ذلك:
ما رواه  أبو داود والنَّسائيّ عن ابن عَبَّاسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُما- أنَّ أعْمَى كانت له أمُّ ولدٍ، تشتم النَّبيَّ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر. قال: فلمَّا كانتْ ذات ليلةٍ جعلت تقعُ في النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وتشتمُهُ, فأخذ المِغْوَلَ (وهو السَّيفُ القصير) فوضعه في بطنِها، واتَّكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طِفلٌ، فلطخت ما هنالك بالدَّمِ، فلمَّا أصبح ذُكِرَ ذلك لرسولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فجمع النَّاسَ, فقال: "أنشدُ الله رجلاً فعلَ ما فعلَ، لي عليه حقٌّ، إلا قام فقام" الأعمى يتخطَّى النَّاسَ،- وهو يتزلزلُ- حَتَّى قعدَ بين يديِّ النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فقال: يا رسولَ اللهِ أنا صاحبُها، كانت تشتمك وتقعُ فيك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنانِ مثلُ اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقةً، فلمَّا كانت البارحة جعلت تشتمك وتقعُ فيك، فأخذتُ المِغْوَلَ فوضعتُهُ في بطنِها، واتكأت عليها حَتَّى قتلتها، فقال النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (ألا اشهدوا أنَّ دَمَهَا هَدَرٌ) سنن أبي داود
وقد وردَ عن أبي برزة الأسلميِّ، قال: أغلظَ رجلٌ لأبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، قالَ: فقال: أبُو بَرَزة: ألا أضربُ عُنقَهُ؟ قال: فانتهرَهُ أبو بكر، وقال: ما هي لأحدٍ بعدَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.رواه أحمد 
١٠/ اختصاصُهُ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ لا يُوْرَثُ  وما تركَهُ صدقةٌ:
الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام-سفراءُ الله إلى عبادِهِ، وحَمَلةُ وحيه، مهمتهم إبلاغُ رسالاتِ اللهِ إلى عبادِهِ والدَّعوة إلى اللهِ وإصلاحِ النفوس وتزكيتها، وتقويم الفكر المنحرفِ والعقائد الزائفة، وإقامة الحجة وسياسة الأمَّة  فلم تكن وظيفتُهم اختزانَ الأموالِ ولا توريث التُّراثِ، وإنما ورَّثوا عِلْماً وشرعاً، وبلاغاً للنَّاسِ فذلك ميراثُهم وهو خيرُ ميراثٍ .ودليل ذلك قولُ الرَّسُول-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (لا نُورثُ  ما تركناه صدقة) البخارى 
وهذا من خصائصه -صلوات الله وسلامه عليه-، وكذلك الأنبياء -عليهم السلام.
١١/اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بإخراجِ حظِّ الشَّيطانِ منه:
عن أنس بن مالك" أنَّ رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -أتاه جبريلُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وهو يلعبُ مع الغِلمان، فأخذه فصرعه فشقَّ عن قلبِهِ، فاستخرج القلبَ فاستخرج منه علقةً. فقال: هذا حظُّ الشَّيطانِ منك. ثم غسله في طستٍ من ذهب بماءِ زمزم، ثم لأَمَهُ (أي جمع وضمَّ بعضَه إلى بعضٍ) ثم أعاده في مكانِهِ
هذا غيض من فيض مما اختص الله به البشير النذير وإن كان في الأجل بقية فالحديث موصول مع خصائص سيدنا الرسول وإن كانت الأخرى فالغفوعند الله مرجو ومأمول. 







Share To: