ان الانسان كان أيا كان ينظر للأشياء نظرة اختيار فيحكم على بعضها على أنها خير ويحكم على البعض الآخر على انها شر ، فمثلا حصولك على وظيفة بدخل جيد يجعلك تشعر بالرضا وتحكم على أنها خير بينما تحكم على وفاة والديك على انها شر ، ويلزم من ذلك ان كل ما حكمت عليه بأنه شر صار مكروها لديك ، وبما انه لا خالق ولا فاعل في الوجود حسب اعتقادنا الا الله فيلزم من ذلك ان الله قدر لك هذا ، فيكون لك بعد ذلك ان تختار بين حلين اثنين لا ثالث لهما، فإما ان تعترض و تسخط ف تسقط في فخ قول كلمة (لو)، واما ان تلزم الادب في التعامل مع قدر الله فتترك الاعتراض والسخط والتمني ولن يتسنى لك هذا الا اذا صدقت بأن "الله رؤوف رحيم بعباده "وانه يريد بك خيرا ، ولكن الذي يريد بك الخير ،يريد لك الشر ايضا وذلك عندما يكون هذا الشر سبب لخير اكبر منه او سبب لدفع شر اسوء منه .
لتتضح الصورة اكثر سنعطي مثالا بسيطا الا وهو الام التي تضرب ابنها حتى يترك اللعب ويراجع دروسه ، فلا شك ان الضرب مؤلم للطفل اي انه شر بالنسبة لذلك الطفل ، فهل معنى ذلك ان الام تريد الشر لإبنها ؟ بالطبع لا فهي تريد له الخير ولكن هذا الأخير لا يمكن الوصول إليه إلا بما هو شر عند الابن ، ولكنه لن يعرف ذلك الا عند نضجه واكتمال عقله فيقول آنذاك (لولا أن الخير لي يكمن في ترك اللعب واللهو لما ضربتني امي حتى أتركه ...وعدم معرفتي بالحكمة من حرماني من اللعب لإستذكار دروسي لا يعني ان امي لا تحبني او لا تريد لي الخير ، بل لا بد ان هناك شرا عظيما كان سيحدث لو لم تضربني ، نعم اكره الحرمان من لذة اللعب واكره الم الضرب ولكن بما ان هذا الحرمان صادر من امي فإنني راض بهذا المكروه وصابر له ).
فأنت كذلك يجب عليك ان تنظر الى الله بنفس نظرة هذا الطفل الى امه تجاه ما يقابلك في هذه الحياة من خير وشر ، لأن كل ما يحدث في العالم هو من خلق الله وهذا الخالق يريد لك الخير فيهيئ لك اسباب حدوثه وان بدت لك في ظاهرها شرا لذا فإنه قد قال "رحمتي سبقت غضبي" فإن الرحيم هو الذي يريد الخير للمرحوم ، والغاضب هو الذي يريد الشر للمغضوب عليه ولكن إرادته للخير سبقت ارادته للشر، فإن وقع لك في هذه الحياة الدنيا ماهو شر عندك فثق ان تحت هذا الشر خير عظيم او أنه دفع لشر اسوء منه وكل هذا متوقف على تصديقك بأنه لا خالق ولا فاعل في الوجود الا الله وانه عليم، حكيم ، ف قوي ايمانك بهذه المعتقدات حتى تطمئن .
Post A Comment: