الكاتب الأردني الفلسطيني خالد جهاد يكتب قصة قصيرة للأطفال تحت عنوان "البائع الصغير" 


خرج (مجد) مبتسماً من المدرسة عندما رأى والده ينتظره ويلوح له منادياً كعادته مجد..مجد أنا هنا..

أسرع (مجد) إلى السيارة سعيداً بإنتهاء اليوم المدرسي، جلس في المقعد الأمامي بجوار أبيه وربط حزام الأمان ثم قال.. لقد كان يوماً طويلاً يا أبي، وأخذ يعدد الأشياء التي تعلمها في دروسه المختلفة، وحكى له عن تجربته العلمية في حصة العلوم عن زراعة بعض البذور وكيف كانت معلمته مسرورةً بحفظه للمعلومات فصفقت له وطلبت من زملائه التصفيق له أيضاً..

وكان والده يستمع له بإهتمامٍ كبير وهما في طريق العودة إلى المنزل، ثم توقف أمام إحدى إشارات المرور الحمراء وسط الزحام المروري، وبينما كان (مجد) مشغولاً بالضحك والحديث، التفت والده إلى طفلٍ كان يطرق بيديه الصغيرتين على نافذة السيارة..فأنزل الزجاج وسأله كيف أساعدك يا صغيري ؟
فقال الطفل لوالد (مجد).. أهلاً يا عمي.. أنا أبيع المناديل وبعض الأزهار والحلوى..أتشتري مني يا عمي؟

فإبتسم والد (مجد) قائلاً.. بالطبع أنا أحتاج الكثير من هذه الأشياء..
فأخذ منه عدداً من علب المناديل الورقية والأزهار..
وقال الصبي مجدداً : لدي بعض الحلوى أيضاً.. وأخرج علبةً من السكاكر من كيسه الصغير..

وهنا قال (مجد) بشيءٍ من التذمر.. هذه الحلوى ليست جيدة ونحن لا نحبها..
فالتفت إليه والده ونظر إليه نظرةً يعاتبه فيها ثم قال للطفل سأشتري كل هذه الحلوى.. فإبتسم الطفل فرحاً بعد أن باع كل ما لديه وأعطاه والد (مجد) الكثير من المال فقال الطفل هذا كثير ٌ جداً.. شكراً جزيلاً يا عمي..
وقال والد (مجد) العفو يا صغيري..اهتم بنفسك..
فأجابه الطفل..أمي واخوتي سيفرحون كثيراً..شكرا ً لك..

وحينها تحولت الإشارة إلى اللون الأخضر فلوح له ومضى بسيارته، وظل الطفل يلوح له مبتسماً حتى اختفى عن الأنظار..

وسأل (مجد) والده لماذا اشترينا كل هذه الأشياء التي لا نحتاجها ؟ ونحن لا نحب هذه الحلوى أيضاً..
فأجابه والده وهو يقوم بإيقاف سيارته أمام المنزل.. انت يا (مجد) محقٌ في كلامك، فنحن لسنا بحاجةٍ إلى كل هذه الأشياء لكن الطفل يحتاجها..
فتسائل (مجد) مجدداً..كيف يحتاج كل هذه الأشياء ثم يبيعها لنا؟

فأجابه والده..هذا الطفل لا يذهب إلى المدرسة، ولا يرتدي ثياباً نظيفة، ويمشي على قدميه لمسافات ٍ طويلة ليبيع ما يحمله في كيسه لأنه بحاجة ٍ إلى أن يبيعها حتى يحصل على بعض المال كي يعود به إلى عائلته..يمكننا الإستفادة من هذه الأشياء فهي جيدة، لكن الإستفادة الأكبر هي أن نساعد ذلك الطفل..
فسأل (مجد) والده: ولماذا لم نعطه المال بدون شراء كل ما لديه؟
فأجابه الوالد: يجب علينا مساعدة الغير يا صغيري لكن دون أن نجرح شعورهم، فقد يرفض إن أعطيته هذا المال دون أن أشتري منه، لكننا عندما نشتري منه فإننا نساعده ونجعله يشعر أنه قام ببيع كل مالديه دون أن نساعده، هو والكثير من الأطفال بحاجة ٍ إلى المساعدة ويجب أن يكونوا في المدرسة مثلك تماماً يا (مجد) وانت أيضاً يمكنك مساعدته ومساعدة الآخرين..
فسأل (مجد) والده مرةً أخرى ببعضٍ من الحيرة..وكيف يمكنني مساعدته؟
فأجابه والده.. كل شخص يمكن أن يساعد الغير بقدر ما يستطيع، فالمهم أن تساعد الآخرين بمحبة وأن يشعروا بذلك، وعلينا أن نقدر قيمة الأشياء الجميلة في حياتنا ونتمناها للغير كما نتمناها لأنفسنا..
فأجاب (مجد) بلهفة.. حسناً..سوف أدخر من مصروفي لأساعد الآخرين..
ورد والده بسعادة..أحسنت يا بني..أنا فخورٌ بك، سوف نسرع الآن لأن والدتك تنتظرنا لنأكل سوياً..وستحكي لها كل ما حدث..هيا بنا..





Share To: