ما الذي يجعل الإنسان سعيدا؟ربما شيء لا يعرفه أحد،او على العكس تماما،و ببداهة الأمور و ببساطة البسطاء؛ أشياء شائعة حد الابتذال،لا ينكرها إلا قلة قليلة من الجاحدين .
ربما،لاشيء.
جرعة السعادة قد تأتي من ابتسامة الصباح و رائحة القهوة حين تنشران عطرا ينعش القلب المتعب .قد تأتي من صوت رفرفة جناح طائر يغادر عشا دافئا مع أولى تباشير الفجر.هي أيضا لحظة غالية تخترق الذاكرة، مسرعة مثل قطارات منتصف الليل. قدر الإنسان أن يستحضر السعادة عند الغياب فقط.
ماذا لو كان مكتوبا في لوح الحياة أن التعاسة و الحزن هما أصل الأمور ؟
صرخة الإنسان الأولى و هو لا يزال معلقا بحبل دافئ،هي ألم يختم به جواز سفره إلى العالم .ثم تتوالى خيبات الأمل ،ممن تحب و من غيره،فتتعود النفس على العتمة،و يكسوها لون رمادي قاتم لا ألوان تزاحمه.
في جواب عن سؤال سر السعادة،كتب البير كامو(1913-1960) :"هناك يكمن حب الحياة، الرغبة الصامتة لما يمكن أن يهرب مني، مرارة تحت البريق. كل يوم أريد مغادرة حياة الأديرة كرجل يرتفع من نفسه، المندمج للحظة وجيزة في استمرارية العالم، لا يوجد حب للحياة بدون اليأس منها."
وكتبَ الفيلسوف الدنمركي كيركجارد ( 1813 - 1855) في زمن سابق: "من بين جميع الأشياء السخيفة، أكثرها سخافة بالنسبة لي، أن تكون مشغولاً،(....) إن كثرة التفكير أكبر مصدر من مصادر التعاسة."
نشوة البحث عن الإنجاز قد تسرق لحظات السعادة إلى الأبد.
يظل صوت الحياة يردد بلا كلل أن لحظات أجمل في انتظار المشغولين بالتفكير،و عند نهاية التمرين الطويل المرهق،ستسلمهم الأيام قطعة سكر صغيرة،محشوة بالسعادة.
بائع المخدرات يضمن الوفاء لسلعته و الدوام لتجارته لعلمه اليقيني أن زبونه لن يبلغ يوما النشوة المفقودة،سيظل يبحث عنها عند كل رشفة، عند كل وخزة إبرة و عند كل نفس عميق من سيجارة مخدرة،ثم تنتهي حياة المدمن المسكين بجرعة أخيرة قاتلة.
أكبر بائع مخدرات على الإطلاق،هي الحياة نفسها.
هي أسوء و اشرس مروج لمخدر إسمه الأمل ،منذ لحظة البدا.
هذه هلوسة أخرى لا تسبب الإدمان،هي للتفكير، لا غير.
دمتم سعداء.
Post A Comment: