الكاتبة السودانية تبيان مجاهد تكتب نصًا تحت عنوان "فيزياء  العقل" 


الحائط الوردي أصبح اسوداً في الظلام، السقف الأبيض بات رمادياً أيضاً، أستلقي على سريري و من فوقي الغطاء الذي لم أعُد أتذكر لونه، جهاز التكييف على يساري يصدر صوته المزعج، أوهم نفسي أنها موسيقى لكي لا أنزعج.. و الآن ها أنا أسهر وحيدة، أُقرر التنزه فجأة، أسير طويلاً لأتجول بين خيباتي فألتقي بها خيبةً تلو أخرى، أنظر إليها و اتأمل، كم هي مثيرة للاشمئزاز! 
أنعطف يميناً لأجد الحيرة تتربعني بين الإرادة و إنعدامها ، أدير ماكينة عقلي لإيجاد حل وسطي ولا أجد، فأصاب بالحيرة مجدداً، أنغمس في التنزه بين أحزاني ، أسير أكثر و يزداد جهد عقلي ليزداد بدوره تيار أفكاري، مهلاً! أحاول أن أُبدي مقاومة تقلل من هذا التيار ولكن الموصلية أقوى، تزداد الموصلية و يزداد جهد عقلي ليندفع التيار و يلقي بي في القاع.. 
الآن أنا هناك في القاع تماماً، أجلس القرفصاء و تتدافع الأفكار( خيبة قديمة، حزن، و حيرة) أحاول إبداء مقاومة أخرى خشيةً من  وجودي هنا غارقةً إلى الأبد، أغمضُ عيناي بشدة، ترتسم إليّ ذكرى من ماضي جميل فأحاول إقناع عقلي بها، أتنفس بعمق، تزداد المقاومة شيئاً فشيئاً؛ فيقل الجهد و ينقص التيار تدريجياً، أخرج من القاع، يترآى لي السقف من جديد، أتأمله ملياً، تتخللني أفكار مُبعثرة( أتذكر صديقة قديمة فجأة، ذكرى من الماضي بلا مناسبة، هموم، ذكرى مضحكة، خيبةٌ أخرى) و من ثم تُقرر أجفاني أن تنغلق فجأة هرباً من هذا الهراء.





Share To: