الأديب العراقي د. نعمه العبادي يكتب مقالًا تحت عنوان : التعبير اللفظي والسلوكي (العملي) عن المشاعر والاحاسيس..



بعيد في خصوصيات وتفاصيل الجانب المعنوي للانسان، فإن مما لا جدال وجود شيء يسمى بالمشاعر او الشعور او الاحاسيس، وهي اشكال من الاستجابات النفسية والعملية لمؤثرات داخلية او خارجية، فالمشاعر اما ان تتكون بسبب محفز داخلي مثل الميل او التعاطف او الحنين او الدهشة او الخوف او البغض او الكراهية.... الخ، او تكون بسبب محفز خارجي يشكل مثير يتم الاستجابة له عن طرق مختلفة منها التعبير اللفظي ولهذا (قاموسه اللغوي الخاص) او بفعاليات مادية عملية محسوسة، تشير الى رموز متعارفة بين المتلقي والمرسل مثل الابتسامة او الاحتضان او العبوس او البكاء او الوجوم... الخ.
وبعيدا عن ما يقوله علم النفس والعلوم المعنية بالبحث وتفسير هذا النشاط الانساني فإن هناك مناطق فراغ كبيرة غير مغطاة في كل محاولات تفسير وفهم هذا النشاط وما ورائياته إلا انه عمليا موجود ومحسوس وملموس ومعروف بآثاره اكثر من معرفته بالمعارف والعلوم التي تتناوله.
هل الافصاح عن المشاعر والاحاسيس حاجة ضرورية، وهل الاستماع وتلقي الاحاسيس والمشاعر الموجهة لنا من الآخر ضرورية ايضا؟ هل يمكن التعبير عن كل اشكال الاحساس بطريقة لفظية، ومع التعبير عنها لفظيا او كتابة، فإلى اي مدى يمكن للغة والكلمات ان تحمل وتعبر عن ذات الطاقة المخزونة في المشاعر والاحاسيس ذاتها؟ وهل صحيح ان هناك اشخاص يحملون او يشعرون ويحسون بدرجات عالية من هذا النشاط إلا انهم غير قادرين عن التعبير عنه لفظيا وكتابة؟ وهل يمكن تطوير قدرة الانسان في التعبير عن مشاعره واحاسيسه؟ واذا كان الجواب بالايجاب، فإلى اي مدى يمكن ان يصل هذا التطور وما هي الادوات والوسائل التي تكفل تحقيقه؟ هل يوجد اشخاص لا يعتنون بتعبير المشاعر او انها لا تعني لهم حاجة ضرورية او امر هام؟ هل ان السكوت عن التعبير افضل من التعبير اللفظي والكتابة التي تأتي تحت الطلب والالحاح ام العكس صحيح؟
يمكن ان نطور حزمة الاسئلة الى جوانب كثيرة، وهي قضية وحيوية تحتاج الى مطولات بحثية علمية ولا يمكن تناولها في منشور من خلال هذا التطبيق.
ما اردت تبيانه بشكل خاص في هذا المنشور يتمثل في اهمية التعبير عن المشاعر والاحاسيس الايجابية تجاه الاخر المقصود بها، وان يتم تطوير وتحسين اللغة الخاصة التي يمكن ان تساعد في ايصال صورة هذا المشاعر الى الاخر، فالانسان بحاجة الى هذا الغذاء والى هذه الجرعات، وعليه ان يفكر في الشريك الاخر بذات الاحاسيس والحاجة التي تخالجه لهذه الاحاسيس.
كثير من اطراف العلاقة يتدرع ويتذرع بمقولة انا احب ان اسمع اكثر مما اتكلم، هذه الصفة ايجابية في مواضع وفي جوانب ولكنها سلبية جدا في قضية المشاعر، لانه كما انت تستلذ وتستطيب بما تسمعه وتقرأه وتراه من مشاعر الشريك عليك ان تجيب هذه المشاعر بقدر مناسب لسد حاجته ولايصال اعتنائك به، فمن غير المعقول ان تجيب نصف صفحة من كلماته التي ينقلها لك من مشاعره بكلمة او كلمتين، نعم قد يكون نوع الكلمة وفحواها مؤثر ودال بقوة، لكن الكم في احيان كثيرة مطلوب وضروري، فالعطشان مع الماء الجيد ذي النوعية عالية النقاوة وطيبة الطعم، يحتاج الى قدر من الماء ليرتوي، ومن غير المعقول ان تقول له اكتفي بقطرة واحدة لانها طيبة ولذيذة.
اشاعة المشاعر الايجابية والاحاسيس الفرحة تلون الحياة بألوان زاهية، وتمتص كتل الطاقة السلبية، وتبعث على طمأنينة النفوس، وتسقي الحب والعشق بجرعات عالية الطاقة، تؤثر بشكل فعال فينا.
افصح عن احساسك لمن تحب، وكرر عليه ما تكنه له وتشعر تجاهه، وطور لغتك التي تستطيع ان توصل له ما عندك، ولا تتدرع بمقولة حب الاصغاء والاستماع، واجعل التعبير العملي اداتك الاولى في ظروف القرب، والتعبير اللفظي والكتابة عند البعد، فالكلمات والالفاظ المحملة بالمشاعر تغيب المسافات وترفع الحواجز، وتحضرك حسيا عند الشريك.






Share To: