الشاعرة السورية زهية بيطار تكتب قراءة نقدية في رواية "ساعةُ عدل" للكاتب الدكتور محمد فتحي عبد العال 


ساعة عدل...
وكم نحن بحاجة إلى ساعات؟!
عندما دعاني الكاتب الدكتور محمد فتحي عبد العال مشكوراً لتقديم دراسة لروايته
(ساعة عدل) ترددت قليلاً بسبب خبرتي المتواضعة في فن القصة والرواية من حيث التحليل والدراسة  لهذا الفن الأدبي الرائع الذي يحتاج إلى ثقافة أدبية وتبحر كامل في جوانب اللغة من سردٍ فيه عنصر  التشويق، ومن اختيار للمفردات المناسبة، وانتقاء الصور التي تضج بالحيوية، والتي تجسد شخصيات الرواية بشكل يجعل القاريء يتفاعل معها بكل حواسه.
هي تجربتي الأولى وأتمنى أن أعطيها حقها ولا أبخس كاتبنا المبدع حقه لأنها جديرة بالقراءة لما فيها من عرض لواقع مرير يعيشه معظم شبابنا في الوطن العربي وخاصة عندما يمتلك هذا الشباب
الطموح والإرادة  وهذا ماجسده الكاتب في شخصية فتحي الذي أراد أن يسافر لتأمين متطلبات الحياة، فيصدمه الواقع في المشفى الذي تم تعيينه فيه كونه  صيدلي، وهنا تدور أحداث الرواية ليعرض لنا الكاتب المبدع  بإسلوب قصصي مشوق فيجسد ملامح كل شخصية وليظهر بطريقة غير مباشرة الصفات النفسية لكل من تلك الشخصيات وما تحمله من الطمع والجشع وسيطرة قوى المادة على مفصل مهم من مفاصل الحياة الذي من المفترض أن تتمثل فيه  أعلى درجات النزاهة ألا وهو مجال الصحة.
يعرض الكاتب بأسلوبه المميز وبلغة فصيحة سليمة واقع الفساد في المشافي من خلال ملاحظاته لكثير من الأخطاء والتستر عليها من  الأطباء ومن صاحب المشفى من استخدام لدواء منتهي الصلاحية، ومياه ملوثة أدت إلى إصابات بأمراض عدة.
هو غيض من فيض لأمور وأحداث كانت تجري أمام بطل الرواية فتحي وهو لاحول له ولاقوة وفي النهاية تجبره تلك الممارسات على تقديم استقالته ورفضه المطلق لما يدور حوله من فساد .
لقد اعتمد الكاتب في تقديم روايته على اسلوب السرد الواقعي الذي تميز بسهولة الألفاظ والمفردات المناسبة القريبة من قلب وعقل القاريء. 
وأنت تقرأ تشعر بأنك أمام أديب جمع بين فصاحة اللغة وجمالها وبين سحر الحرف الذي يقدم لك من خلال عرض المعلومة العلمية بطريقة غير مباشرة وهذا يدل على ثقافة عالية عند الكاتب
و يظهر ذلك من خلال التعريف  (بالطوارق) والإشارة إلى أمراض تصيب المواليد الجدد نتيجة الخبرة المتواضعة عند القابلة إلخ....
لقد حملت هذه الرواية المتعة والفائدة معاً فخرجت لنا بكل روعة تتحدث باسم كل فردٍ شريف ونزيه في مجتمعنا العربي تضع الإصبع على الجرح وتشير إلى مكامن الخطأ وما تخلفه من أضرار على الفرد والمجتمع، وبالتالي التأكيد على دور الضمير في خلاصنا من آفة حب المال  والطمع الذي يؤدي إلى الفساد  .
لقد أعطى الكاتب لكل شخصية قيمتها الحقيقية باسلوب رائع ودون تكلف.
حيث كان الانتقال بين الأحداث بطريقة عفوية لم نشعر بها إلا من خلال تغيير الملامح والأسماء وهذا مايكسب الرواية عنصر المفاجأة الذي يعتبر الأهم في جذب القاريء.
سعادتي كبيرة وأنا أقدم هذه الدراسة لأنني شعرت بنفسي بأنني أمام موهبة واعدة تحاول بلسمة الآلام وتحمل الكثير من الآمال، أمال كاتب جدير بالتشجيع والإهتمام لأنه يمتلك حس المسؤولية بالحرف الذي هو السلاح الأقوى في وجه الفساد والفاسدين.
أمنياتي لك بالتوفيق الكاتب الملهم الدكتور محمد فتحي عبد العال






Share To: