الكاتبة المصرية / سحر الجوهري تكتب: خواطر مريد للدار الآخرة




 خواطر مريد للدار الآخرة


لافتة توقف


إنها أهم لافته، عليك أن ترفعها من الآن فصاعدا علي كل من يفرض عليك ما يخالف أو يشوه فطرتك التي فطرك الله عليها، عليك أن ترفعها أمام كل ما يشغلك في العبث واللاشيء  وينخر وقتك وطاقتك ليُصرفك عن السعي لإصلاحها، ولكن أولا عليك أن تبذل تحقيقا بحثياً عن فطرتك الحقيقه ،تلك الفطرة التي انتشينا بها صغاراً ونسيناها طواعية ما إن ازداد العمر فينا سنينا ،تلك التي تريد رضا حبيبها دون شرك خفي أو ظاهر ،تلك التي تعترف بالنعمة فلا تجحدها بل ولا تبارز بالعصيان صاحبها جلا وعلا علواً كبيراً ،تلك التي فطرها خالقها علي الإحسان وعلي طيبة الخلق ونبل المعاملات ،تلك التي تعترف أن من الإنسان للإحسان ،هو جل ما يهدف له سبب وجودنا هنا.


تلك الفطرة التي التمست المعية مع الله والونس في الزوجة والولد فرزقها الله السكن والذرية وجعل بينها وبين الأرواح ألفة فكانت ثمرتها الإيثار ولبها الحب في الله وجذور نموها الاجتماع علي طاعته وإعمار الأرض بذريته (آدم عليه السلام ).


تلك التي تفكرت في ما حولها من معايير مشوهة ومنطق عقيم مغالط يتحدث به كل أهلها فاهتدت رغم ما يحيط بها من زيف وضلالات يبثها أقرب الأقربين وقالت"  أنا لا أحب الأفلين "، فبالعقل تفكرت فألهمها الله الهدي حين أصدقت رغبتها في الوصول ونزهتتها عن زخرف الحياة حولها فوجدت أصل كل موجود ومن هو خالقنا والواحد المعبود ( سيدنا إبراهيم).


تلك التي سارت مع الحكيم " سيدنا الخضر " وهي تواقة حتي تتعلم منه  الحكمة و الصبر رغم انتمائها لرياحين النبوة " كليم الله " فتواضعت حين أمرها الله جلا وعلا وسكنت وتأدبت وتاقت لبلوغ الحكمة كما يريد المولي لها.

 

تلك الفطرة التي ما إن أخطأت سارعت فاستغفرت في أعمق الظلمات وسبحت لله في مكان لم يسبح فيه غيرها حتي أذن الله لها بالفرج وأبدلها خيراً كثير(نبي الله يونس).


تلك الفطرة التي امتحن الله قلبها وليداً بقسوة بعض الأخوة والجب والسجن والفتنة، وطال البلاء ولكن بلقبها يقين مؤمل بقرب الفرج وبشارة الرؤي لصدق الإيمان بما يوحي لها ، فجعلها ربي حقا وجعل سيرته أحسن القصص للعالمين ( سيدنا يوسف )



تلك الفطرة التي ضحت بالسلطة والمال  والراحة والفرش الوثير واختارت الثبات  ولقيا الله بل ودعت بالجوار قبل الدار فنادت بقلب صادق سليم رب ابن لي عندك بيت في الجنة فتقبلها الله وأخبر عن صدقها العالمين ( آسية بنت مزاحم  إمرأة فرعون ).



تلك التي مع طول البلاء لكم تحملت و استحيت من الدعاء برفعه وتأدبت حتي حين ضاقت عليها الأمور واستحكمت في وصف ما ألم بها في إعجاز لغوي ينم عن حياء شديد من رب النعم، فقالت ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين (سيدنا ايوب ).


تلك التي لم تملك شيئا لصغيرها الذي بدمعه يقصف وريد قلبها فأصدقت الدعاء واليقين بأنه نعم السند وقالت في نفسها : الله خير معين ولن يضيعنا ودأبت علي السعي أشواط وأشواط فأغاثها المعين بزمزم للسائلين يروي عطش أرواحنا ليوم الدين ( السيدة هاجر).  



تلك الفطرة التي رحمت الإنسان والحيوان وكانت رحمة مهداة وبالرفق عاشت الحياة، وتحملت الصعاب من الخطوب، وكانت أكثر الناس تبسما، وخير الناس مع الزوجة والصحبة والولد، فعلمتنا عن الله وهذبتنا بالقدوة بها ( خاتم النبيين محمد صلي الله عليه وسلم )



تلك هي الفطرة التي نولد عليها بلا رتوش ونصائح مغلوطة من أفواه البعض وما أكثرهم في زمن الفتن فاللهم اهدنا ، وارزقنا تلك الفطرة التي تجلت في عظماء الصحابة الذين تعلموها رأي العين في (الحبيب محمد ) الذي عفي وأصلح وكان أجره علي الله فقط.


تلك الفطرة التي تسكن بها الروح فتضحي مطمئة مع خالقها مهما مر عليها من خطوب وهموم وصعاب .

تلك الفطرة التي تُبقي جذورك ثابتة وفرعك في السماوات يدعو وبالقرب مهما الرياح تكاثرت حوله هو مستكين.


تلك الفطرة التي حين أفكر بها واكتب عنها وأدعو بها وأحيانا قليله رغم غربة التشويه التي كالجميع لازلت أجاهد ألا اتشوه بها أشعر بفطرتي تلك كنسمات عابرة تنبهني هامسة اسعي وتعلمي كيف تعيدني إليك يا متعبَة الروح، لكن مع كل هذا لا أجد حقا وصفا دقيقا عنها ولكن نصيحتي لي ولك أن  تتعرف عليها أو ألادق أن تُذكر نفسك بها في كلام الله وسيرة نبيه و أمهات الكتب  وسير الصالحين وفي دعاء طويل وسجود بجوف الليل فقيام الليل يشفي العليل، وأن تجعلها أولويتك الأولي من الآن فصاعدا أن تقوم بتخلية وتنقية قلبك من الشوائب والعلائق أشخاص أم أشياء أي ما كانت، ثم تملأ قلبك وتُحليه بصب فطرتك الإيمانية فيه من جديد وأن ترفع لافتة توقف لكل ما يمنعك عن هذا، وحين يوفقك الله في سعيك هذا فتمسك بها واستودعها إياه بيقين العاملين عليها المريدين لها وعسي الله أن يهدينا وإياكم ويرزقنا اتباع الحق وسلامة القلب والطريق المستقيم فهو المعين.




Share To: