الأديبة المغربية / سعيدة الرغيوي تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "ملامح من زمننا"
في الشّارعِ الْمُنْفَتِحِ على غَياهِب الأسْئلة الْفجّة تنٌمو الْوُرود كمَا الْأشْواك ..تتعالَى الْأصْوات وتتداخلُ ..تجَمْهر النّاس وتَحَلّقُوا حوْل أُنْثى تصْرُخُ وتَئِنُّ ..اقتربت صديقتي أكثر لتكتشف ما الْخطب ..؟!.
هي ملامح أنثى تصرخ وتستنجد وتتوسل الْمارة والْمُتجَمهرينَ حولها وسوط الْجلاّد يجلدها دونما رحمةٍ فتحول وجهها إلى لون أحمرٍ قانٍ بفعل اللّكزات التي وجهت إليها ..تقتادها امرأة وهي مُمْسكةً بعنقها ورقبتِها بقوة وكأنها تقتادُ شاةً نحو النّحرِ متوعدة إيّاها بوحشية وهمجية تعود بنا إلى زمن التوحش ..يتعالى الصّراخ ويشْتد ..تقتربُ "فدوى" من الْجمع تحاول أن تتقصى أكثر ..فقد راعها ما يحدث..لا أحد تدخل الْكُل يتابعُ ..فجأة تتضح ملامح هذا الشّارع الْبئيس الذي لم تكشفه الْمرايا السّطحية ..تُصرحُ الْمرأة الْجَلاّد ابتعدوا ..ابتعدوا وملامحُ الْمأساة تشْتد ..تتجمد فدوى من هول الْمَشهد الْمؤلم ..ماتزال الْمستنجدة تصرخ وتستعطف أن يُخلِّصُوها من يدٍ أحْكَمتْ قبْضَتها على ضَعْفِ أُنْثَى لم ينْصِفها الشّارع والْمُحِيط .. ابتعدُوا عن طريقي .. إنها ابنتي لقد هربت من الْمنزل مُخلفةً وراءَها رضيعين ..فكانت الصّدمة بالنسبة لفدوى وهمست والْألمُ يمزقُ دواخلَها مرددة : (( أم ..أم ..أ هذه أم..أم ..وزمّت شفتيها في حالةِ امتقاع ..اللعنة ..اللعنة ..))..ماتزال الْمسكينة تستجدي وتتوسل وتستمر الشمطاء اللعينة في سحبها وجرها أرضا ..والجمهور الغفير يتبعها دونما حراكٍ أو تدخل من أحدٍ ..هو شارعنا باتَ غريب الْملامح..هم الناس لبسوا أقنعة الْوحوشِ ..استشرى الصّقيعُ في كل الزّوايا ..انعدمت الرحمة من الْقلوب ..
الأديبة المغربية / سعيدة الرغيوي تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "ملامح من زمننا"
Post A Comment: