الناثر / سمير لوبه يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "ظمأى"
في ليلةٍ أخرى من لياليها الباردةِ المكررةِ ، أمام المرآةِ هائمةً ، يخفتُ ضوءُ الحياةِ في روحِها ، تقطفُ عيناها بداياتِ الشيبِ ، ترمي بناظريها صفحةَ المرآةِ سابحةً فيها ، تغوصُ في أعماقِ عينيها ، تنتابُها الآلامُ ذاتها ، لا تغادرُ سماءها غيومُ الأسى الملبدةُ ، يتحجرُ الدمعُ في مقلتيها ، تتمزقُ روحُها أشلاءً ، في توقٍ تنتظرُ حضورَه ؛ ليعزفَ على أوتارِ حنينِها الجارفِ ، ويسكبُ في كبدِها عواطفَه ، ينسابُ في مسامعِها صدى صوتِه الحاني ، تناجيه في فراغِ الصمتِ بوجدانٍ تتقاذفُ شظاياه الملتهبةُ ؛ تحرقُ فؤادَها ، تثورُ حناياها شوقاً لعناقِه الدافئ ، يحرقُ مهجتَها جمرُ الحنينِ ، يؤرقُها لظى الاشتياقٍ ، ليتهشمَ ما تبقى في ضلوعِها المحطمةِ ، تناجي طيفَه دونَ جدوى ، يضاجعُها الأنينُ وألمُ الفراقِ ، تضيعُ في دوامةِ القدرِ ظمأى ، لا يروي عينيها لقاءٌ ، يدقُ نبضُها عظامَ الضلوعِ ، ترنو للأفقِ ، ترهفُ السمعَ ، تتبعُ قوافلَ الصمتِ في دروبِ حياتِها القاحلةِ وسطَ عواصفِ الحرمانِ المبعثرةِ ، يقتلُها ظمأُ الانتظارِ ، تتعجلُ اللقاءَ ...
رؤوسٌ تتلاصقُ ، عيونٌ تتفحصُ ، همهماتٌ تتشابكُ :
- إنه جسدٌ قد فارق الحياةَ .
Post A Comment: