فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "مقتطفات من حدائق الإيمان" 


🌲للتوبة ثلاثة شروط

فكم ذقت يا أخي مرارة الذنوب ، فهلا تذوقت حلاوة القرب من علام الغيوب ؟

🌲للتوبة ثلاثة شروط : 

🌵أن يندم على فعلها = هذا شرط في الماضي .
 
🌵أن يعزم عزما جازما ألا يعود إلى مثلها أبدا = شرط في المستقبل .

🌵أن يقلع عن المعصية الآن ويقطعها إن كان متلبسا بها  =  شرط في المضارع .

فإذا كانت المعصية تتعلق بآدمي كالسرقة ونحوها فهناك شرط :

🌵رابع وهو : رد المظلمة إلى صاحبها .

ولعل أول ذنب تحدثه بعد توبتك يا أخي هو :

أن تسيء الظن في ربك ؛ فتظن أنه لن يغفر لك ولن يقبلك ، وأن ذنبك أعظم من رحمته ! 

فهذا من كيد الشيطان ليصدك بتطويل غفلتك ، وإضعاف همتك وإقعادك مع المتأخرين الخاسرين ! 

بل مهما كبرت ذنوبك فربك أكبر ، ومهما تكرر ذنبك بعد التوبة فمغفرة الله أكثر ، ومولاك يغفر لك كلما تبت !

استعن بالله وابدأ صفحة جديدة عنوانها الطمأنينة وانشراح الصدر !

🌵قال لي غير واحد : 

إذا تبتُ إلى الله ، وأنبتُ وعملتُ صالحًا ، ضيّق عليَّ رزقي ، ونكّد عليَّ معيشتي ، وإذا رجعتُ إلى معصيته ، وأعطيتُ نفسي مُرادها ، جاءني الرزق والعون ونحو هذا .

فقلت لبعضهم :

هذا امتحان منه ، ليرى صدقك وصبرك ، وهل أنت صادق في مجيئك إليه ، وإقبالك عليه فتصبر على بلائه فتكون لك العافية ، أم أنت كاذب فترجع على عقبك .

🌲قال تعالى :

{إنّي أخافُ إنْ عصيتُ ربّي عذابَ يومٍ عظيم}.

وفي الآية الكريمة :

إيذانٌ بأنّ مِنْ طوى قلبَه على اليقين بالآخرة ، وأشعل جذوةَ الوجل في صدره مِن عذابها الأليم ؛ انقمع عن مقارفة الآثام ، وانزجر عن الإلمام بالعصيان ، وتهيّب ركوب متن المظالم ، وانبعث إلى سلوك سبيل الاستقامة ، وملازمة صراط الهداية !

🌲ولهذا يقول ابن القيم فى كتابه " مدارج السالكين " :

حُكيَ عن بعض العارفين أنه قال :

" دخلتُ عَلَى اللهِ منْ أبْوابِ الطاعاتِ كُلِّهَا ، فَمَا دَخَلْتُ منْ بابٍ إلا رأيتُ عَليهِ الزِّحَام ، فَلَمْ أتمَكّنْ مِن الدُّخُولِ .

حتّى جِئتُ بابَ الذُّلِّ والافتِقارِ ، فإذا هوَ أقرب بابٍ إليهِ وأوسعُهُ ، ولا مُزَاحِمَ فيهِ وَلا مُعوِّقَ .

فما هُو إلا أنْ وضَعتُ قَدَمِي فِي عَتَبتِهِ ، فإذَا هُوَ سُبْحانهُ قَدْ أخَذَ بِيَدِي وأدخَلَنِي عليه" .

🌲ولهذا من جوامع الدعاء :

عن عائشة رضي الله عنها قالت : 

دخل علي النبي ﷺ وأنا أصلي وله حاجة فأبطأت عليه، قال :

 « ياعائشة ؛ عليك بجُمَلِ الدعاء وجوامِعِه » .

 فلما انصرفت قلت : يا رسول الله وما جمل الدعاء وجوامعه ؟ 

قال قولي : 

« اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك الجنة وما قرّب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل .

وأسألك مما سألك به عبدك ونبيك محمد ﷺ وأعوذ بك مما تعوذ منه عبدك ونبيك محمد ﷺ وما قضيتَ لي من قضاء فاجعل عاقبته رشدا ».  

رواه البخاري .

🌲وأخيراً :

{فمَن زُحْزِح عن النّار وأُدْخِل الجنّةَ فقدْ فاز}.

ليس فوزًا أن تملك القناطير المقنطرة مِن الذهب والفضة ، أو تسكن البروج الشامخةَ الشاهقة ، أو تمتطيَ السيّارة الفارهة الرائقة ، أو تكتنزَ الأموال المتكاثرة الهائلة ، أو تحتميَ بجيش عرمرم ذي لجب ، إنما الفوز الحقيقيّ الذي لا يعتوره خسار؛ أن تنجوَ مِن النيران ، وتلجَ الجنان ، والطريق إلى تلك الغاية الباسقة واضح جليّ لا لبس فيه :

{ومَن يأتِه مؤمنًا قد عمِل الصّالحات فأولئك لهم الدرجات العُلى * جناتُ عدنٍ تجري مِن تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء مَن تزكّى}.






Share To: