فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "من قام ليلة النصف من شعبان"
من قام ليلة النصف من شعبان رجاء الآثار الواردة ، وأكثر فيها الدعاء ؛ وطلب من الله المغفرة فيُرجى له الخير والأجر .
قد استحب ذلك جمهور الفقهاء وفعله عدد من سلف هذه الأمة .
صحيح أنّه جرى بين أهل العلم اختلاف في تصحيح بعض الأحاديث الواردة ولكن جرى عمل كثير من الفقهاء والصالحين من متقدمي هذه الأمّة وأسلافها على قيام ليلة النصف من شعبان .
وأنّ جماعة من كبار المحدثين صحّحوا بعض أحاديثها ؛ وهم من أهل الاجتهاد ولهم اعتبارهم ووزنهم العلمي الحديثي .
ومِمّا يحتجُّون به حديث :
يطلع الله ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل عبد الا لمشاحن أو مشرك .
حتّى أنّ الإمام البزار وهو من هو من كبار رجالات النقد الحديثي والعلّة الحديثية قال :
"وقد روى أهل العلم هذا الحديث ونقلوه واحتملوه " .
وهذا الحديث احتجّ به الإمام ابن خزيمة في كتاب التوحيد الذي اشترط في مقدمته ألا يحتج إلا بما يراه ثابتاً عنده .
واحتجّ به الإمام بن حبان وصحّحه .
وجعله البيهقي في مواطن عدّة من المراسيل الجياد التي ذكر بعض وساطاتها من رواة الحديث .
ومنه استنبط الفقهاء استحباب القيام بهذه الليلة .
حيث يطّلع الله على خلقه ؛ فيحب الصالحون أن يكونوا في عمل صالح باطّلاعه سبحانه عليهم ؛ لينالوا مغفرته وعفوه بالدعاء وقيام الليل وقراءة القرآن .
ولا يُمكن أن يُقال أنّ هذه الجمهرة الضخمة من الفقهاء والمُحدّثين والعُبّاد والصالحين تعبدوا الله بالبدع .
بل لا نظنُّ بهم إلاّ أنّهم تعبّدوا ربّهم بما شرع ، إذ كانوا من أشدّ الناس تحذيراً من الوقوع في المحدثات والبدع .
لهذا نصّ على العمل به الإمام أحمد والإمام الشافعي حتى قال الشافعي في كتاب "الأم" :
" أنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي [منها ليلة النصف من شعبان " .
وما حكاه هو القيام والدعاء والذكر .
🌴وقد ذكر الإمام الفاكهي في أخبار مكة :
ذكر عمل أهل مكة ليلة النصف من شعبان واجتهادهم فيها لفضلها وأهل مكة فيما مضى إلى اليوم إذا كان ليلة النصف من شعبان ، خرج عامة الرجال والنساء إلى المسجد فصلوا وطافوا وأحيوا ليلتهم حتى الصباح بالقراءة في المسجد الحرام .
🌴وقد نقل الإمام ابن رجب في لطائف المعارف :
عن عدد من العلماء والفقهاء اعتبار فضلها كخالد بن معدان ، ومكحول ، وإسحاق بن راهويه ، والأوزاعي ، ولقمان بن عامر ، وعطاء بن يسار ، وغيرهم .
حتى أنّ الإمام ابن تيمية رحمه الله قال :
"وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل ، وكان في السلف من يصلي فيها ، لكن الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعة " .
صحيح أنّ بعض الفقهاء أنكروا الاجتهاد بالعبادة ليلة النصف من شعبان مثل :
عطاء ؛ وابن أبي مليكة ، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء المدينة .
وقال أصحاب مالك : ذلك كله بدعة .
لكنّ هذا الرأي لا يحسم أصل النقاش لمخالفة آخرين وهم أكثر من هؤلاء عدداً ؛ فضلاً عن احتجاجاتهم الحديثية .
إنّه لمن المعلوم كما في كثير من المستحبات وقوع بعض الناس في مُبالغات ؛ لا تصح .
مثل قول بعضهم :
أنّ أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر .
بل عدّ بعضهم ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر .
لهذا لمّا قيل لابن أبي مليكة :
إن زيادا النميري يقول :
إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر .
فقال : لو سمعته وبيدي عصا لضربته .
وكان زياد قاصاً .
هذا والله تعالى أعلم وأحكم .
فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "من قام ليلة النصف من شعبان"
Post A Comment: