الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب "ذكريات عن السينما"
كنا مجموعة صبية في الابتدائية تتراوح أعمارنا ما بين العاشرة إلي الثانية عشر كنا مغرمين بمشاهدة الأفلام العربي وخاصة التي تحتوي بداخلها علي كثير من المعارك التي تدور بين أبطال الفيلم أو الصراع بين الخير والشر.
فريد شوقي من وجهة نظرنا البسيطة الساذجة يمثل الخير المطلق، أما محمود المليجي وزكي رستم فيأتون على رأس قائمة الشر المطلق. كنت معجب بفريد شوفي وهو يضرب جميع الظلمة والمجرمين ويرد للضعفاء والمظلومين حقوقهم وحده : الأشرار كان من يقوم بدور البطل الذي يدافع عن الخير والحق يظهر بصورة مثالية، والعكس صحيح من يقوم بدور الشرير وكأنه لم يعرف الخير قط أو قام بعمل جيد يوماً ما، فإما خير مطلق ،أو شر مطلق، ليس هناك مناطق رمادية تحتمل أن تتحول للنقيض من الجوهر أو الفكرة التي تمثلها، لعل كتاب السينما أدركوا فكرة العدل والحق التي تداعب خيال البشرية وخاصة البسطاء والمهمشين فكانت السينما عملية تعويض عن الواقع الذي يفتقر للعدل خير م أو شر مطلق لبس !
كان الكثير منا وأنا أحدهم أتخيل وأتوهم نفسي البطل، الذي يدافع عن الحق، ويهزم الباطل ويكون مثار إعجاب الجميع، أعتقد أن أكثر جماهير السينما في ذلك الوقت كانت تداعب مخيلتها تلك القصص التي تأتي ببطل بسيط من العمال يمثل شريحة كبيرة من أبناء الشعب، ثم ترسمه بصورة فتي قوي وفارس نبيل متبرع لنصرة المظلومين وأحيانا لا يكون هناك سبب مقنع أو محفز نفسي بداخل السيناريو للقيام بذلك، يعد أن تسبغ عليه من البطولة، ثم تجعله معشوق النساء يغزو المجتمع الارستقراطي بقصة حب بينه وبين إحدى سيدات تلك الطبقة فيقرب البطل الطبقات ويذيب الفواصل بينها كل ذلك بسبب هيام البطلة الشديد به و بقوته وأخلاق الفروسية التي يتمتع بها .
حدث أكثر من مرة مع فريد شوقي أمام صباح وأخريات... لم أكن أعرف أنها حيلة من صناع السينما لمداعبة جيوب الفقراء وما بها من قروش، من أجل الاستيلاء عليها بقصة من تلك القصص الخيالية ، الذي أثبتت الأيام أنها بعيدة كل البعد عن الواقع. ولكن تبقي هذه الأفلام مهما نقدتها وهاجمتها تسكن عقلي ،ونفسي، وهي القادرة علي إخراجي من الواقع القاتم المسكون بالألم والمرارة وخشونة الواقع وفظاظته هي وجبه تحلق بك في سماء الخيال الجميل ، حتي، وإن كانت كاذبه ووهميه ،يكفي هذه الأفلام ما تخيلته وما عشته من أدوار البطولة وأنا صغير أنني كنت أتخيل نفسي البطل الذي يقف دائمآ بجانب الحق الذي يحارب الشر والقبح، ويحاول تخقيقي العدل وأشياء أخرى عشت في صغري بطولات كثيرة..
الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب "ذكريات عن السينما"
Post A Comment: