الأديبة المغربية / كنزة الشنتوف تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الموقف" 

♡♡♡♡♡♡♡



تأبط بعض الجرائد القديمة وقارورة رذاذ أزرق و فوطة صفراء ثم خرج من المقهى في اتجاه موقف السيارات.ككعادته ،لم يكن ابراهيم من هؤلاء اللذين يجرون وراء كل سيارة تهم بالركن او تغادر "الباركينغ".كانت لديه عزة نفس رغم حاجته.

واصل عم إبراهيم تقدمه نحو الموقف .لفتت نظره سيارة صغيرة زرقاء تحوم بحثا عن زاوية للتوقف.ساعد صاحبتها على ذلك ثم بادر الى تنظيف زجاج النوافذ و الواجهة الامامية بخفة قلما نجدها لدى من هم في سنه.فالرجل يكاد يكون شيخا الا أنه في كامل صحته.ذات يوم رد مازحا على نادل المقهى الذي سأله عن "سر رشاقته"قائلا"السر ان تبتعد عن النساء و تبقى  عازبا"..

غادرت امراة في الاربعينيات السيارة الصغيرة و أعطت إبراهيم بقشيشا محترما دون أن تنظر اليه ،فقد كانت مشغولة بالنقر على لوحة مفاتيح هاتفها المحمول .أغلقت سيارتها و اتجهت نحو مطعم فخم بالجوار.أثارت انتباه عم ابراهيم برائحة عطر قوية    و نظاراتها الكبيرة التي تكاد تخفي ملامح وجهها.سيارة أخرى دلفت الى الموقف و أطل منها رجل انيق يسأل عن الوجهة التى أخذتها صاحبة السيارة الزرقاء.كاد أن يشير الى المطعم الا أن فطنته منعته من ذلك و رد قائلا"-لم أنتبه سيدي"

طلب منه الرجل الاقتراب ثم دس في جيبه ورقة نقدية قائلا-"حاول أن تتذكر في أي اتجاه سارت السيدة فالامر في غاية الضرورة". 

أخرج عم ابراهيم الورقة من جيبه و أعادها للرجل في غضب أدهش محدثه: _"قلت لك لا اعلم سيدي".ثم غادر مشيرا لسيارة اخرى بمكان شاغر.

اختفت سيارة الرجل كالبرق.و ما هي الا حوالي الساعة حتى عادت من جديد منتظرة عودة صاحبة السيارة الزرقاء.بدا الامر مشوقا لابراهيم فبدأ ينتظر بدوره ما الذي سيحدث .هل هو زوجها؟صديقها؟ لما لا يتصل بها و يعرف مكانها ان كان يعرفها حقا؟

كان الوقت ليلا و عليه المغادرة .فبعد حين سيستلم زميله نوبة حراسة السيارات و يعود هو لبيته الصغير .كان سعيدا رغم وحدته.لا يزعحه أبدا من يبدون بعض الرأفة تجاهه ظنا منهم أنه يحتاج لمن يؤنسه.حياته كانت بسيطة و لا زالت لولا هذه السيارة اللعينة التي تثير فضوله.صاحبها لم يغادرها كما لم يتوقف عن الحديث في الهاتف .

فجأة ظهرت السيدة و بيدها حقيبة لم تكن تحملها من قبل.اتجهت مسرعة نحو السيارة و قبل أن تهم بفتحها كان الرجل قد وجه إليها رصاصة للرأس .هوت المراة أرضا أمام أنظار عم ابراهيم الذي كان بغرفته يتابع أحداث هذا الفيلم الامريكي و يقول لنفسه"ايه ماذا لو كان هذا يحدث معي انا أيضا.يا رب السلامة"!


الأديبة المغربية / كنزة الشنتوف تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الموقف"


الأديبة المغربية / كنزة الشنتوف تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الموقف" 


Share To: