الكاتب العراقي / د. نعمه العبادي يكتب مقالًا تحت عنوان: مرتكزات.. " سعودية محمد بن سلمان"

 


نشرت وكالة الانباء السعودية نص المقابلة التي اجرتها مجلة "أتلانتيك" الامريكية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 3 آذار 2022، ومثلت اجاباته التفصيلية معالم رؤيته في الحكم وفي السعودية الجديدة، وقد اشر فيها اهم المرتكزات والتغيرات التي يؤمن بها، ويريد توجيه السعودية إليها، وان الوقوف عليها يعطينا انطباعا واضحا لجملة تغيرات عميقة ستجري في منطقتنا سواء في السعودية ذاتها او في معظم الدول العربية التي تتأثر بالسعودية.

تتمثل اهم المؤشرات التي تضمنتها المقابلة بالآتي:

1/ في معرض جوابه عن امكانية تطبيق الملكية الدستورية في السعودية، قال ابن سلمان: ( لا، هذا لن ينجح، لن تنجح الملكية الدستورية، فقد تم تأسيس السعودية على الملكية المطلقة، الآلاف من الأنظمة تحتها من شيوخ قبائل ورؤساء مراكز وهجر، وكذلك الأسرة المالكة السعودية التي أمثلها، والشعب السعودي الذي أمثله، فهذه الآلاف من الأنظمة يعد ملك المملكة العربية السعودية هو قائدها وهو من يحمي مصالحها، وهؤلاء يشكلون 13 إلى 14 مليون سعودي من بين 20 مليون سعودي تقريبًا، لذا لا يمكنني شن انقلاب على 14 مليون مواطن سعودي).

2/ في موقفه من محمد بن عبد الوهاب والوهابية قال : (  أما في ما يخص الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فهو كسائر الدعاة وليس رسولًا، بل كان داعية فقط، ومن ضمن العديد ممن عملوا من السياسيين والعسكريين في الدولة السعودية الأولى، وكانت المشكلة في الجزيرة العربية آنذاك أن الناس الذين كانوا قادرين على القراءة أو الكتابة هم فقط طلاب محمد بن عبدالوهاب، وتمت كتابة التاريخ بمنظورهم، وإساءة استخدام ذلك من متطرفين).

3/ بخصوص موقفه من الاخوان المسلمين بين محمد: (تلعب جماعة الإخوان المسلمين دورا كبيرا وضخما في خلق كل هذا التطرف، وبعضهم يُعد كجسر يؤدي بك إلى التطرف، وعندما تتحدث إليهم لا يبدون وكأنهم متطرفون، ولكنهم يأخذونك إلى التطرف، فعلى سبيل المثال: أسامة بن لادن والظواهري كانا من الإخوان المسلمين، وقائد تنظيم داعش كان من الإخوان المسلمين، ولذلك تعد جماعة الإخوان المسلمين وسيلة وعنصرا قويا في صنع التطرف على مدى العقود الماضية، ولكنَّ الأمر لا يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين فحسب، بل خليط من الأمور والأحداث، ليس فقط من العالم الإسلامي، بل حتى من أمريكا).

4/ حدد موقفه من التراث النبوي وهو موقفه من الاسلام، إذ قال: (وعندما نستدل بأحاديث الرسول علينا أن نكون حذرين جدًّا، وقد حُدِّدت الأحاديث في ثلاثة جوانب.

    أولًا: ما نسميه المتواتر، وهذا يعني أن العديد من الناس سمعوا من الرسول عليه الصلاة والسلام، والقليل من الناس سمع من هؤلاء العدة، وقليل من الناس سمعوا ذلك من أولئك القلائل، وقد تم توثيق ذلك، وهذه الأحاديث قوية جدًّا، وعلينا أن نتَّبعها، وعددها قرابة 100 حديث).

5/ أما عن موقفه من اسرائيل فقد قال : (إننا لا ننظر لإسرائيل كعدو، بل ننظر لهم كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معًا، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك).

6/ وبخصوص رؤيته للعلاقات مع امريكا، قال: (نحن لدينا علاقة طويلة وتاريخية مع أمريكا، وبالنسبة لنا في السعودية هدفنا هو الحفاظ عليها وتعزيزها. لدينا مصالح سياسية، ومصالح اقتصادية، ومصالح أمنية، ومصالح دفاعية، ومصالح تجارية، ولدينا العديد من المصالح، ولدينا فرصة كبيرة لتعزيز كل هذه المصالح، وأيضًا لدينا فرصة كبيرة لخفضها في عدة مجالات، وإذا سألتنا في المملكة العربية السعودية، فنحن نريد تعزيزها في جميع المجالات).

7/ وبخصوص موقفه من الاتفاق النووي الايراني قال: ( أعتقد أن أي بلد في العالم لديه قنابل نووية يُعد خطيرًا، سوءًا إيران أو أي دولة أخرى، لذا نحن لا نود أن نرى ذلك، وأيضًا نحن لا نرغب في رؤية اتفاق نووي ضعيف؛ لأنه سيؤدي في النهاية إلى ذات النتيجة).

8/ وعن مرتكز نهجه البراغماتي قال: (  نعم، فإذا كنت سأخفِّض معدَّل البطالة، وكانت السياحة ستوفر مليون وظيفة في السعودية، وإذا كنت قادرًا على جعل ثلاثين مليار دولار لا تُصرف خارج السعودية، ويبقى معظمها في السعودية؛ كي لا يسافر السعوديون بنفس قدر سفرهم الآن، فيجب عليَّ فعل ذلك، حيث إنهم سيقومون بالسياحة خارج السعودية على أية حال، ولذلك لدينا أمرٌ ثالث نقوله: اختر الضرر الأصغر بدلًا من الضرر الأكبر).

9/ وتبريرا لنهجه في ادارة الامور قال: ( لا أريد أن أجادل بشأن هذه المسألة مجددًا، لكنني أعتقد أن ما قمنا به في السعودية يمثّل الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحقيق ما أردنا تحقيقه، وكما تعلم، في بعض الأحيان يتعين على المرء أن يضغط في بعض المجالات التي سيكون لبعض القرارات الصعبة فيها تأثيرات جانبية، ولقد اتخذنا أقل القرارات ضررًا، وينبغي عليك اتخاذ هذه القرارات لصالح الدولة).

من خلال المؤشرات اعلاه يتضح ان السعودية الجديدة تقوم على اساس الآتي:

1/ الابقاء على الملكية المطلقة بوصفها الاداة الانموذجية التي تتيح للملك فعل كل شيء بدون مساءلة او محددات.

2/ اجراءات تغيرات عميقة في المنظور الديني والثقافي العام والابقاء على جوانب شكلية، إذ سيجد هذا التغيير استجابة واسعة من غالبية المجتمع السعودي والشباب على وجه خاص، والمهيئون للذهاب بالانفتاح والعلمانية الى اقصى الدرجات.

3/ الاقتصاد هو الركيزة التي يعتمد عليها.

4/ تجاوز فكرة التطبيع مع اسرائيل الى مرحلة الحليف الاستراتيجي، والذي يعني ترسيم خطوط جديدة لشرق اوسط قائم على هذه الشراكة، مع الاشارة الى ان الموقف السعودي سيكون بمثابة الفتوى السياسية والدينية لجمع كبير من البلدان فيما يخص العلاقة مع امريكا واسرائيل.

5/ يظهر بوضوح ان المسار السعودي غير معني بأي شعارات قومية وعروبوية، ولا يتعدى الامر التنسيق والتعاون الخليجي.

ختاما لا بد من الاشارة الى امرين مهمين هما:

الاول: ان السعودية متغير مهم في منطقتنا، وان مراقبة اتجاهها الجديد الذي ستظهر ملامحه تدريجيا، متطلبا مهما لصانع القرار السياسي في المنطقة.

الثاني: ان كل الحديث السعودي يفترض عالما ما قبل الحرب الروسية- الاوكرانية، لذا من غير المستبعد ان تطور هذا النزاع وهو الراجح سوف يغير الكثير من مسارات الدول في المنطقة والسعودية في مقدمتها.


الكاتب العراقي / د. نعمه العبادي يكتب مقالًا تحت عنوان: مرتكزات.. " سعودية محمد بن سلمان"

 

 

Share To: